تجد في نهاية الخطبة رابط تحميل الخطبة ملف PDF وملف صوتي MP3
الطمأنينة والخشوع في الصلاة
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا
أما بعد فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل محدثه بدعة وكل بدعة ضلالة
عباد الله قال تعالى ﴿الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ﴾ ٢ المؤمنون. وقال سبحانه ﴿وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ﴾ ٣٥ الأحزاب. وقال تعالى ﴿الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاة﴾ ٤ لقمان. وقوله ﴿الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ﴾ ٣ البقرة. وورد قوله “يقيمون الصلاة” في مواضع كثيرة من كتاب الله. وإقامة الصلاة تعني إقامتها بالصفة الشرعية بحدودها ووقتها. ومن صفاتها الخشوع والطمأنينة.
أخرج البخاري في صحيحه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ الْمَسْجِدَ، وَرَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ فَصَلَّى، ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: “وَعَلَيْكَ السَّلَامُ، ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ”، فَرَجَعَ [الرجل] فَصَلَّى [كما صلى]، ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ [على النبي صلى الله عليه وسلم]، فَقَالَ [رسول الله صلى الله عليه وسلم]: “وَعَلَيْكَ السَّلَامُ، فَارْجِعْ فَصَلِّ، فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ”، فَقَالَ فِي الثَّانِيَةِ أَوْ فِي الَّتِي بَعْدَهَا (وفي رواية: فقال في الثالثة) [والذي بعثك بالحق ما أُحسن غيره فــ]: عَلِّمْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ: “إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلَاةِ فَأَسْبِغِ الْوُضُوءَ، ثُمَّ اسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ فَكَبِّرْ، ثُمَّ اقْرَأْ بِمَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ، ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا، ثُمَّ ارْفَعْ [رأسك]حَتَّى تَسْتَوِيَ (وفي رواية: تعتدل) (وفي أخرى: تطمئن) قَائِمًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ [رأسك] حَتَّى [تستوي] وتَطْمَئِنَّ جَالِسًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا (وفي رواية: حتى تستوي قائما) ، ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلَاتِكَ كُلِّهَا” [فَإِذَا فَعَلْتَ هَذَا، فَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُكَ وَمَا انْتَقَصْتَ مِنْ هَذَا شَيْئًا، فَإِنَّمَا انْتَقَصْتَهُ مِنْ صَلَاتِكَ].
عباد الله قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في معنى الطمأنينة في الصلاة: هي “التأنِّي بحيث يستقرُّ كلُّ فقار في مفصله، فإنْ أسرع في الصلاة على وجه لا طُمأنينة فيها، فإنَّ صلاته باطلة”.
أما الخشوع يا عباد الله فإنه مشروع في الصلاة يحاول المصلي أن يجمع قلبه في الصلاة مستحضرا الوقوف بين يديه دون أن يغمض عينيه أو يتنقل بها في زخارف المسجد والسجادة أو يلتفت ولو قليلا فإن هذا مناف للخشوع كما أن كثرة الحركة تبطل الصلاة أو تنقص من أجرها.
احرصوا عباد الله أيها المصلون على صلاتكم فإنها عمود الإسلام وأظهر شعائره فإذا وفقك الله للصلاة فلا تسرق منها شيئا بالعجلة والحركة أو تسمح لقلبك بالوسوسة والشرود وجاهد نفسك على ضبط قلبك وجسدك ما استطعت فإنك في طريق النجاة ما كنت كذلك وأنت أحوج إلى صلاة مقبولة والله هو الغني الحميد لا تنفعه سبحانه صلاتك وإنما تنفعك أنت أيها العبد الفقير إلى عفو الله أنت من تحتاج إلى الحسنات. فلا تكن محروما قد وفقت للصلاة ثم تضيعها بما يبطلها من العجلة وعدم الطمأنينة او الشرود وعدم الخشوع أو الحركة الكثيرة أو بمسابقة الإمام فإن كل ذلك قد يبطل الصلاة أو ينقص من أجرها وحسناتها.
قال تعالى ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ ۚ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ۚ ذَٰلِكَ ذِكْرَىٰ لِلذَّاكِرِينَ (114) وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ هود
أقول قولي هذا واستغفر الله لي، ولكم
الخطبة الثانية:
الحمد لله على إحسانه والشكر لله على توفيقه وامتنانه وأشهد أن لا إله إلا الله تعظيما لشأنه وأشهد أن محمد عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وإخوانه أما بعد:
عباد الله اتقوه حق التقوى وراقبوه في السر والنجوى واعلموا أنكم غداً بين يدي الله موقوفون وعلى زلاتكم نادمون وسيعلم الذين ظلموا أي منقلبٍ ينقلبون.
عباد الله صلوا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه فقال[إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ] اللهم صل وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وعنا معهم برحمتك وفضلك يا أرحم الراحمين.
اللهم من أراد بلادنا هذه وبلاد المسلمين عامة بسوء فاللهم أشغله في نفسه واجعل تدبيره في تدميره واجعل دائرة السوء عليه يا قوي يا عزيز.
اللهم وفق إمامنا خادم الحرمين الشريفين لما تحبه وترضاه واجعل عمله في رضاك وارزقه البطانة الصالحة الناصحة وأصلحنا جميعا رعاة ورعية،
اللهم انصر جنودنا المرابطين على الثغور وفي كل الميادين اللهم انصرهم على عدوك وعدوهم وحقق فيهم أسباب نصرك المبين يا ذا الفضل العظيم
اللهم تقبل من مات منهم في الشهداء وداو من تأذى منهم وردهم إلى أهلهم وذويهم سالمين غانمين ولا تحرمنا وإياهم الأجر يا أرحم الراحمين.
ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار
وقوموا إلى صلاتكم
٢٥ جمادى الآخرة ١٤٤٣هـ.
هاشم المطيري