تجد في نهاية الخطبة رابط تحميل الخطبة ملف PDF وملف صوتي MP3
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا
“يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون” الآية، أما بعد:
فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل محدثه بدعة وكل بدعة ضلالة.
قال تعالى: ﴿ أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾؛ وقال تعالى: ﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾، وقال تعالى: ﴿ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ ﴾.
عباد الله: إن لله سنن لا تتبدل ولا تتحول وقد قال سبحانه ﴿ ولن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا﴾، فمن حقق نصرة الله سبحانه وتعالى في نفسه ومع من حوله في اتباع أوامر الله واجتناب نواهيه ولزوم الاعتقاد الصحيح الذي كان عليه النبي ﷺ وأصحابه رضي الله عنهم أجمعين؛ فقد حقق نصرة الله الموجبة لوعده الذي وعد، قال تعالى: ﴿ وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ﴾. فاستيقنوا عباد الله واثبتوا ولا يستخفنكم المبتدعة والكفار ووسائل البهرجة وكلام الفجار، قال تعالى: ﴿فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون﴾.
عباد الله: إن ما يحدث للمسلم في شأن نفسه وأهل بيته من مصاب وابتلاء، عظيم أو هين، هو لا شك بما كسب من الذنوب والخطايا أسأل الله أن يعاملنا بعفوه وغفرانه ورحمته وفضله؛ كذلك ما يحدث لعموم المسلمين قديما وحديثا قريبا وبعيدا من كوارث ومصاب وهزائم وعذاب هو بما كسبت أيديهم ولا شك، قال تعالى: ﴿وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ﴾؛ فيجب على المسلمين عموما جماعات وأفرادا الرجوع إلى الله والتوبة من الذنوب وإصلاح أنفسهم وتصحيح عقائدهم فإن هم فعلوا ذلك صادقين مع الله سبحانه وتعالى متبعين لرسوله ﷺ وسبيل المؤمنين من الصحابة رضي الله عنهم والتابعين وأئمة الهدى والدين؛ فليبشروا بالنصر والتمكين والعزة والأمان، قال تعالى: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾.
عباد الله: بينما يجب على المسلم استحضار التوبة إلى الله في كل حين وعلى كل حال فإنه مطالب بنصرة أخيه المسلم؛ ثبت عن النبي ﷺ: «انصُر أخاكَ ظالمًا أو مَظلومًا قيلَ : يا رسولَ اللَّهِ هذا نَصرتُهُ مظلومًا فَكَيفَ أنصرُهُ إذا كانَ ظالمًا ؟ قال ﷺ: تحجِزُهُ وتمنعُهُ من الظُّلمِ ، فذاك نصرُهُ»، فإن كان مظلوما ينصر بما يستطاع من المال والسلاح بإذن ولي الأمر وأعظم سلاح ينتصر به المسلمون سواء كانوا أقوياء أم ضعفاء هو الدعاء، روي عن النبي ﷺ: «هَلْ تُنْصَرُونَ إِلاَّ بِضُعَفَائِكُمْ بِدَعْوَتِهِمْ وَإِخْلاَصِهِمْ»، أما إن كان ظالما فيمنع من الظلم بإذن ولي الأمر وحسب الأحكام الشرعية التي تحكم البلاد حتى لا يكون الأمر فوضى خصوصا لمن أراد الإنكار بيده وأحيانا حتى بلسانه؛ فيؤمر الظالم بالمعروف وينهى عن المنكر وعن كل سبب بجر الشر على عموم المسلمين من المنكرات الظاهرة والباطنة وخصوصا العقائد الفاسدة والكبائر إذا عمت وفشت؛ فهذه المنكرات العقدية والكبائر المنتشرة سبب في حلول عقوبة الله وتسلط الظالمين من المبتدعة والكافرين في كل بلد من بلاد المسلمين.
عباد الله: إن أعظم عدو للإنسان هو نفسه الأمارة بالسوء وهواه الذي يورده المهالك، فالنفس أخطر من المبتدعة والكفار ومن الظلمة والفجار فإن كل هؤلاء يسلطهم الله على النفس بسبب ما كسبت فاحذروا عباد الله من أنفسكم وروضوها على ما يحب الله ورسوله تفلحوا وتنجوا من عقوبة الله في الدنيا والآخرة.
أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله على إحسانه والشكر لله على توفيقه وامتنانه وأشهد أن لا إله إلا الله تعظيما لشأنه وأشهد أن محمد عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وإخوانه أما بعد:
عباد الله اتقوه حق التقوى ولا تخوضوا في دين الله بغير علم ولا تتصدروا التعليق على الأمور العامة التي هي من شأن ولي الأمر واختصاصه فإن هذا مخالف لعقيدة أهل السنة والجماعة الذين لا يجيزون الخوض في الأمور العامة بل يرون ذلك من الافتيات على ولاة الأمر ومنازعة الأمر أهله؛ قال تعالى: ﴿وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوْ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمْ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلًا﴾.
عباد الله: إن شؤون الجهاد وأموره وإعداد العدة له وما يخص الصلح والمعاهدات إبرامها ونقضها والإعلان عنها أو إخفاءها لمصلحة أو نصرة بلد أو مقاطعة بلد كل هذه الأمور من شأن ولي الأمر واختصاصه فلا يجوز لعموم المسلمين الخوض فيها بغير علم أو الإنكار على ولي الأمر علنا فمن كانت لديه نصيحة في هذه الشؤون فلا يطرحها في المجالس ومجموعات التواصل الاجتماعي بل يرسلها سرا إلى صاحب الشأن، هذه هي الطريقة الصحيحة شرعا وعقلا؛ تبرأ بذلك الذمة وتحفظ الجماعة وتسد الطرق على أهل الثورة والفساد، ثبت عن النبي ﷺ أنه قال: «من أراد أن ينصح لذي سلطان فلا يبده علانية، ولكن يأخذ بيده فيخلو به فإن قبل منه وإلا كان قد أدى ما عليه».
اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذِلّ الشرك والمشركين ودمّر أعداءك أعداء الدين اللهم عليك بالرافضة والحوثيين الذين آذوا عبادك المسلمين في اليمن اللهم اجعل العاقبة لأهل السنة يا قوي يا عزيز واحفظ جنودنا المجاهدين على الثغور وفي كل الميادين وانصرهم على عدوك وعدوهم وحقق فيهم أسباب نصرك المبين يا ذا الفضل العظيم.
اللهم عليك بالرافضة وحزب الإخوان وحزب الشيطان الذي تسلطوا بالظلم والبهتان على المسلمين في كل بلد؛ جروا على المسلمين الفتن وتسببوا في هلاكهم وأعطوا الكفار المتسلطين الحجة على الضعفاء ثم يرفعون رايات النصر الزائفة على جثث المسلمين الأبرياء في العراق وسوريا واليمن وليبيا وفلسطين ولبنان، اللهم عليك بكل ظالم فاجر وكل مبتدع وكافر اللهم اضرب الظالمين بالظالمين وأخرج أهل السنة من بينهم سالمين واجعل العاقبة لعبادك المؤمنين.
اللهم وفق إمامنا خادم الحرمين الشريفين لما تحبه وترضاه واجعل عمله في رضاك وارزقه البطانة الصالحة الناصحة وأصلحنا جميعا رعاة ورعية، اللهم من أراد بلادنا هذه بسوء أو بلاد المسلمين كافة فأشغله في نفسه واجعل تدبيره في تدميره واجعل دائرة السوء عليه يا قوي يا عزيز.
ربنا اتنا في الدنيا حسنه وفي الآخرة حسنه وقنا عذاب النار. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
٩ شوال ١٤٤٢هـ
هاشم المطيري