شكر الله في أفضل أيام العام الخطبة الأولى: أما بعد: عباد الله: قال تعالى: “اعملوا آل داوود شكرا وقليل من عبادي الشكور” الآية. عباد الله: إن من أعظم أنواع شكر الله سبحانه وتعالى معرفته سبحانه وتعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى والإيمان بها وافراده بما يختص به ومعرفة الله سبحانه وتعالى بربوبيته وأنه الخالق المدبر المالك الرازق وافراده بأفعاله سبحانه التي يختص بها فلا نعتقد في غيره اعتقادا هو خاصا بالله مثل إنزال المطر واحياء الموتى أو علم الغيب أو النفع والضر من دونه سبحانه وهكذا. كذلك معرفته سبحانه بألوهيته وأنه المستحق للعبادة وحده لا شريك له وعدم صرف اي نوع من أنواع العبادة لغير الله لا دعاء ولا ذبحا ولا ركوعا ولا تعظيما. والإيمان بتوحيد الله عموما.
تجد في نهاية الخطبة روابط تحميلها ملفات PDF وملف صوتي MP3
توحيد الله أولا وآخرا الخطبة الأولى: أما بعد : فإن الله خلق الخلق لأجل عبادته وحده لا شريك له فقال سبحانه: { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} الذاريات: ٥٦. كما أنه تعالى وتقدس ما أرسل الرسل والأنبياء إلا لنفس الغاية وهي عبادة الله وحدة لا شريك له فقال: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ۖ } النحل : ٣٦. كما أنه سبحانه أحكم آيات الكتاب ثم فصلها لأجل الغاية نفسها وهي عبادة الله وحدة لا شريك له فقال جل في علاه: { الر ۚ كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ (1) أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ ۚ إِنَّنِي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ} هود : ١ – ٢. لذلك حذر الله جميع الرسل والأنبياء من نقيض التوحيد ومبطله وهو الشرك بالله فقال مخاطبا أفضل الرسل والأنبياء والخليقة جمعاء محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم بقوله سبحانه: { وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} الزمر: ٦٥. وأخرج البخاري عن عتبان بن مالك قال “قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: فإنَّ اللَّهَ قدْ حَرَّمَ علَى النَّارِ مَن قالَ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، يَبْتَغِي بذلكَ وجْهَ اللَّهِ” الحديث.
وأخرج الترمذي عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يحكيه عن ربه في الحديث القدسي “قال اللهُ تعالى : يا ابنَ آدمَ ! إِنَّكَ ما دَعَوْتَنِي ورَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لكَ على ما كان فيكَ ولا أُبالِي يا ابنَ آدمَ ! لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنانَ السَّماءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لكَ ولا أُبالِي يا ابنَ آدمَ ! لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الأرضِ خطَايا ثُمَّ لَقِيْتَني لا تشرك بِيْ شَيْئًَا لأتيْتُكَ بِقِرَابِها مَغْفِرَةً ” صححه الألباني عباد الله: يا من تحرصون على سلامة إيمانكم والقيام بما فرض الله عليكم اعلموا أن العبادة الصحيحة مهما كثرت وطال زمن التزام العبد المؤمن بها لسنوات طويلة من عمره فإنها تذهب هباء منثورا وتحبط فلا تعتبر شيئا إذا ما خالطها الشرك بأي نوع من أنواعه الكثيرة والخفية. فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها بسند صحيح في الجامع الصغير أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “الشِّركُ أخفى في أمَّتي من دَبيبِ النَّملِ علَى الصَّفا في اللَّيلةِ الظَّلماءِ” الحديث. فتعلموا معنى الشرك وأنواعه كي لا تقعوا فيه قال الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان رضي الله عنه كان الناس يسألون عن الخير وكنت أسأل عن الشر مخافة أن يدركني. عباد الله : كما أن التوحيد ينتقض بالشرك فإن السنة تنتقض بالبدعة فلا تزكي الطاعات والقربات القلوب التي دخلتها البدعة ولو كثرت تلك العبادات أخرج البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم لصحابته وهم خير الناس : “يَخْرُجُ فِيكُمْ قَوْمٌ تَحْقِرُونَ صَلاتَكُمْ مع صَلاتِهِمْ، وصِيامَكُمْ مع صِيامِهِمْ، وعَمَلَكُمْ مع عَمَلِهِمْ، ويَقْرَؤُونَ القُرْآنَ لا يُجاوِزُ حَناجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كما يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ” الحديث، يقصد الخوارج . وفي سنن ابي داود بسند صحيح قال صلى الله عليه وسلم عن الخوارج “هم شرُّ الخلقِ والخليقةِ” الحديث. فلماذا يا عباد الله لم تزكهم تلك العبادات والطاعات من صلاة وصيام وتلاوة لكتاب الله؟ مع أنهم مسلمون لم يفارقوا الدين؛ السبب هو اختلاط إسلامهم ببدعة تنافي السنة وتخالف معتقد أهل السنة والجماعة من الصحابة والتابعين وأئمة الهدى والدين، فاحذروا يا عباد الله ما يمس عقيدتكم وإيمانكم. وطريقة ذلك العلم الذي يرفع الجهل والصدق الذي يهدي إلى البر والتقوى التي تنجي صاحبها من فتن الدنيا والآخرة، ويؤتى بالتقوى علما يفرق به بين الحق والباطل قال تعالى:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ۗ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ } الأنفال : ٢٩. أقول قولي هذا واستغفر الله.
تجد في نهاية الخطبة رابط تحميل الخطبة ملف PDF وملف صوتي MP3
الخطبة الأولى: الحمد لله [مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ ۖ بِيَدِكَ الْخَيْرُ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26) تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ ۖ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ ۖ وَتَرْزُقُ مَن تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ] وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الخالق الرازق المدبر الكريم الجواد ذو الفضل العظيم وأشهد أن محمد عبده ورسوله أجودَ الناسِ بالخيرِ ، بل كان أجودَ بالخيرِ من الرِّيحِ الْمُرسَلَةِ القائل “اتقوى النار ولو بشق تمرة” صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا أما بعد: فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل محدثه بدعة وكل بدعة ضلالة عباد الله فإن الله قد خلق الخلق لعبادته وحده لا شريك له وابتلاهم بالشر والخير فتنة قال تعالى :[وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ۖ وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ] سورة الأنبياء، الآية: (35). فمن أعطي خيرا فقد فتن به ليرى الله كيف يصنع، ومن قدر له شرا فقد ابتلاه الله ليرى أيصبر أم يكفر، ومن أعطي خيرا فلا يظن أن ذلك علامة على حسن حاله، كما أن من ابتلي بالشر عموما لا يعني هذا بالضرورة أنه بعيدا عن الله؛ قال تعالى:[ كُلًّا نُّمِدُّ هَٰؤُلَاءِ وَهَٰؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ ۚ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا] سورة الإسراء، الآية (20). لذلك قال تعالى في موضع آخر:[لِّكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ] سورة الحديد، الآية (23).
تجد في نهاية الخطبة رابط تحميل الخطبة ملف PDF وملف صوتي MP3
الخطبة الأولى: إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا [ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون]الآية [يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ] سورة النساء آية ١. [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا] سورة الأحزاب، الآيتين : ٧٠-٧١. أما بعد فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل محدثه بدعة وكل بدعة ضلالة عباد الله: قال تعالى: “شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ” الآية. عباد الله: إن من تمام اتباع سبيل المؤمنين معرفة حالهم في مواسم الخيرات والوقوف على فهمهم في تطبيق الأوامر الشرعية عمليا وفي كل الحالات ومن ذلك كيفية اغتنام البر وفضائل العبادات وكيفية ترتيب القيام بالطاعات بحسب ما يقترن بها من الأماكن الفاضلة أو الأوقات؛ فكانوا أهل تدبر للآيات من كتاب الله، وأهل تطبيق لما يمرون عليه من أحكام، ومع ذلك فقد ثبت عن جمع غفير تقديمهم لكثرة ختم القرآن الكريم على تدبره في شهر رمضان المبارك، فكانوا يختمون القرآن الكريم تلاوة في كل يوم من شهر رمضان، بل كان بعضهم يختم في اليوم مرتين ختمة في الليل وختمة في النهار كما ثبت عن الإمام الشافعي رحمه الله وغيره كثير، بل يوجد إلى يومنا هذا كثير من المسلمين ممن تفضل الله عليهم بحسن فهم في عبادة الله من يفعل ذلك ولا غرابة فإن الخير في هذه الأمة باق إلى قيام الساعة.
تجد في نهاية الخطبة رابط تحميل الخطبة ملف PDF وملف صوتي MP3
الخطبة الأولى: إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا أما بعد فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل محدثه بدعة وكل بدعة ضلالة
عباد الله قال تعالى{ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ (65) فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنبَاءُ يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لَا يَتَسَاءَلُونَ (66) فَأَمَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَىٰ أَن يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ (67) وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ} القصص. عباد الله إن الله يصطفي ويختار من خلقه ما يشاء، فإذا اصطفى شيئا واختاره على غيره من جنسه فهذا موجب لمضاعفة الحسنات وزيادتها وتعظيم السيئات ونكارتها فلما اختار سبحانه وتعالى الأنبياء من بين البشر أعظم لهم الحسنات والثواب كما حذرهم إذا خالفوا أمره بتعظيم السيئات قال تعالى{ وَلَوْلَا أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا (74) إِذًا لَّأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا} الإسراء، كذلك قال سبحانه في حق من اصطفى من نساء المؤمنين لنبيه صلى الله عليه وسلم فقال سبحانه{يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ ۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (30) ۞ وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُّؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا (31) يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاءِ } الأحزاب. كذلك لما اصطفى الله سبحانه وتعالى الحرم من مكة المكرمة جعل الصلاة فيه بمائة ألف صلاة فيما سواه من المساجد،
تجد في نهاية الخطبة رابط تحميل الخطبة ملف PDF وملف صوتي MP3
الخطبة الأولى: إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا أما بعد فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل محدثه بدعة وكل بدعة ضلالة عباد الله { وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ الله وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ }، لا ريب أنَّ الحكم بين العباد بشرع الله المنزَّل على رسوله صلى الله عليه وسلم مِن أعظم العبادات، وأهم الواجبات، وآكَد الحقوق على الولاة وفيه كل الخير والحياة، قال تعالى وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ عباد الله: إنَّ مِن نِعم الله الكبرى التي تفضَّل بِها على أهل هذه البلاد، البلادِ السعودية، وأكرمَهم بها مُنذ التأسيس، أنْ قيَّظ لهم ولاة أمْرٍ يحكمون بينهم بشرع الله المطهَّر، ويُلزِمون العباد أحكامه، ويُطبِّقونه بِمَرأى ومسْمعٍ مِن العالم كله، وذلك فضل الله يُكرِم بِه مَن يشاء مِن عباده، والله ذو الفضل العظيم، فَحُقَّ لهم أنْ يفرحوا بهذه النِّعمة شديدًا، وكيف لا يفرحون وقد قال ربهم سبحانه آمِرًا: { قُلْ بِفَضْلِ الله وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ }، وواجبٌ عليهم أنْ يَشكروا ربَّهم على هذه النِّعمة كثيرًا، فقد قال سبحانه مُرغِّبًا ومُرهِّبًا: { وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ }، وحَقٌّ عليهم أنْ يشكروا ولاةَ أمرهم وحكامهم على تحكيمهم لشريعة الله القيِّمة، وأنْ يَلهجوا بالدعاء لهم، والثناء عليهم بذلك، ويحفظوا هذا الجميل لهم، ولا يتناسوه أو يُغفِلوه أو يتعاموا عنه، فذلك الخُلُق مِن طبع اللِّئام، وخَسَاسة أهل الجحود، وفِعل أصحاب النُّكران للفضل والجميل، وصفاتِ أهل الغِل والحِقد والحسد، وقد صحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: (( مَنْ لَا يَشْكُرُ النَّاسَ لَا يَشْكُرُ الله ))،
بل إنَّ نُكرَان النساء لمعروف وإحسان وفضل الأزواج عليهن مِن أعظم أسباب كونِهنَّ أكثر أهل النار، إذ صحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: (( أُرِيتُ النَّارَ فَإِذَا أَكْثَرُ أَهْلِهَا النِّسَاءُ، يَكْفُرْنَ، قِيلَ: أَيَكْفُرْنَ بِالله؟ قَالَ: يَكْفُرْنَ العَشِيرَ، وَيَكْفُرْنَ الإِحْسَانَ، لَوْ أَحْسَنْتَ إِلَى إِحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ، ثُمَّ رَأَتْ مِنْكَ شَيْئًا، قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ مِنْكَ خَيْرًا قَطُّ ))، وكل مؤمِن أكرمه الله فسَلَّم قلبَه مِن الغِل والحِقد والحسد يفرح بهذا التحكيم للشرع المطهَّر في هذه البلاد، وعلى جميع مَن يَسكن فيها، ويُحِبه لهم ومِنهم، لأنَّه يعلم وجوب تحكيم شرع الله بين عباده، ويَعرف أنَّ الفرح بذلك ومحبته مِن أجلِّ صفات أهل الإيمان، عباد الله إنَّ مِمَّا يَسُر قلوب أهل الإيمان كثيرًا، ويُطمئن العباد على بلادهم وأنفسهم وأموالهم شديدًا، ويَحفظ الأمن ويُقوِّيه، ويُضعف الإجرام والاعتداء، ما قامت بِه الحكومة السعودية قبل أيَّام مِن إقامة العقوبات الشرعية، وتنفيذ الحدود والتعزيرات التي قضَت بها المحاكم الشرعية، على أقوام شَرعوا في أنكَر أنواع الإجرام، وباشروا أقبَح صور العدوان، فشقوا عصى الطاعة، وفارقوا الجماعة، وخرجوا على الولاة المسلمين بالقول والسلاح، وأفسدوا في الأرض، فقتلوا مَن حرَّم الله قتله مِن رجال الأمْن وعموم المسلمين وأهل العهد والأمان مِن غير المسلمين، ودمَّروا وأتلفوا ونَهبوا ممتلكات الناس، وممتلكات بيت مال المسلمين، وأضرُّوا بالاقتصاد، وأدخلوا الخوف والرُّعب على الناس، وزَعزعوا الأمْن، وتعرَّضوا للناس في مراكبهم وأعمالهم وطرقاتهم بالسلاح، بل حتى المساجد لم تَسلم مِن شُرورهم، ولا روَّادها، وحرَّضوا على ذلك عبْر أجهزة الإعلام والتواصل المسموعة والمرئية والمقروءة، وأفتوا بِه، ودعوا الناس إليه، وشجعوهم للالتحاق بأهله، فدخلوا في قول الله سبحانه وحكمه المصلِح للعباد والبلاد، والدين والدنيا: { إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ الله وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ }، ودخلوا في قول النبي صلى الله عليه وسلم وحكمه المصلِح للدين والدنيا، وللنفس والمال والعِرض، فيمن سَعى في تفريق أمْر المسلمين المجتمعين على وليِّ أمرهم، حيث صحَّ عنه صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: (( مَنْ أَتَاكُمْ وَأَمْرُكُمْ جَمِيعٌ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ يُرِيدُ أَنْ يَشُقَّ عَصَاكُمْ أَوْ يُفَرِّقَ جَمَاعَتَكُمْ فَاقْتُلُوهُ ))، وفي لفظ آخَر: (( فَاضْرِبُوهُ بِالسَّيْفِ كَائِنًا مَنْ كَانَ ))،
تجد في نهاية الخطبة روابط تحميلها ملفات PDF وملف صوتي MP3
الخطبة الأولى: إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا أما بعد فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل محدثه بدعة وكل بدعة ضلالة عباد الله: ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال في تعظيم عبادة الصوم : ((كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ، الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ، قَالَ اللهُ – عَزَّ وَجَلَّ -: إِلَّا الصَّوْمَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي ))، وثبت عن أبي أُمَامَةَ ــ رضي الله عنه ــ أنَّه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: ((مُرْنِي بِعَمَلٍ لِعَلِيِّ أَنْتَفِعُ بِهِ فَقَالَ: «عَلَيْكَ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَا مِثْلَ لَهُ», فَمَا رُئِيَ أَبُو أُمَامَةَ وَلَا امْرَأَتُهُ وَلَا خَادِمُهُ إِلَّا صِيَامًا، فَكَانَ إِذَا رُئِيَ فِي دَارِهِ الدُّخَانُ بِالنَّهَارِ قِيلَ: اعْتَرَاهُمْ ضَيْفٌ)).
تجد في نهاية الخطبة رابط تحميل الخطبة ملف PDF وملف صوتي MP3
الإسراء والمعراج بين البدعة والتكذيب الخطبة الأولى: إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا أما بعد فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل محدثه بدعة وكل بدعة ضلالة عباد الله فإنَّ حادثةَ “الإسراءِ والمِعراجِ” ــ بأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أُسْرِيَ برُوحِهِ وجسدِّهِ مِن المسجدِ الحرامِ إلى المسجدِ الأقصَى ثُمَّ عُرِجَ به إلى السماءِ ــ حادثةٌ عظيمة، وآيةٌ كبيرة، ومُعجزةٌ باهِرة، جاءَ إثباتُها في القرآنِ العظيم، وتكاثرتْ فيها الأحاديثُ النَّبويةُ الصَّحيحة حتى زادتْ على خمسةٍ وعشرين حديثا، ونصَّ العلماءُ على تواتُرِ أحاديثِها، واتفقَ المسلمونَ على حصولِها، حيثُ قالَ اللهُ سبحانَه عنها: { سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}، وقال تعالى: { عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى}،