التصنيفات
خطب الجمعة

لماذا نحذر من الشرك؟

تجد في نهاية الخطبة رابط تحميل الخطبة ملف PDF وملف صوتي MP3


الخطبة الأولى:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) الآية،(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) الآية،(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا) الآيتين.
أما بعد عباد الله:
فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل محدثةٍ بدعة وكل بدعة ضلالة.

عبادَ الله:
خلق الله الخلق لأجل توحيده سبحانه وتعالى فقال (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)، كذلك سبحانه ما أرسل الرسل إلا لِإقامة توحيده فقال سبحانه (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ)، كذلك ما أنزل الله الكتاب محْكَمَه ومُفَصَّله ولم يحكمه ويفصله إلا لأجل توحيده سبحانه قال سبحانه ( كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ (1)أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ).

عباد الله:
كان الناس عشرة قرون على التوحيد من بعد أن خلق الله آدم لم يرسل الله الرسل مع وقوع القتل بين ابني آدم وما دونه من الكبائر فلما وقع الشرك بعث الله سبحانه وتعالى نوحا، الشرك يا عباد الله أعظم ذنب يُعصى الله به، سأل الصحابي الجليل عبدالله ابن مسعود رضي الله عنه وعن الصحابة أجمعين سأل النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أيّ الذنب أعظم؟ قال” أن تجعل لله نداً وهو خلقك”.
الشرك يا عباد الله محبطٌ للعمل أيها المصلون الصائمون الذاكرون الشاكرون المتصدقون المتقربون إلى الله بما يرضيه إن كل عباداتكم تبطل بصرف عبادة واحدة لغير الله قال تعالى وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ) وهذا الخطاب موَجّه لسيّد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم.
عباد الله:
الشرك من الذنوب التي لا يغفرها الله لو مات العبد عليها ولم يَتُب منها قال تعالى ( إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ) لو أن رجلاً عاش مئة عام عابداً صامداً قائما زاهداً محافظاً على فروضه ونوافل العبادات ثم في لحظة وقع في الشرك لَحَبِط عمله كلّه فانتبهوا يا عباد الله.
معرفة الشرك الذي هو ضد التوحيد من لوازم النفي الذي هو الشِّقُّ الأول من كلمة التوحيد لا إله إلا الله قال تعالى (فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ) العروة الوُثْقى يا عباد الله هي لا إله إلا الله تعلموا معناها قال تعالى (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ)، لذلك بَوّب بعض العلماء باب العلم قبل القول والعمل.
الشرك محبط للعمل بالكُلّية يا عباد الله لأنه بل مرحبا إنه خفي كما صلى الله عليه وسلم الشرك في هذه الأمة أخفى من دبيب النملة السوداء على صفاة سوداء في ظلمة الليل” الحديث
فهي لا ترى كونها سوداء ولا يسمع دبيبها كونها نملة كل ذلك كناية على خفاء الشرك وبهذا الخطورة وجب الانتباه منه لان من كان بالباطل أعلم كان بالحق أشد تمسكا
عباد الله
إن أخطر ما يرد على عقيدة المسلم امران اثنان الأول هو الشرك المحبط للعمل كما تقدم الثاني هو البدعة التي لا تخرجه من الإسلام لكنها تخرجه من السنة
البدعة يا عباد الله تمحق زكاة اعماله
قال الأوزاعي “إن الله لا يقبل لصاحب بدعة صلاة ولا صياما ولا حجا ولا عمرة ولا صرفا ولا عدلا حتى يخرج من الإسلام شيئا فشيئا”
أما ترون يا عباد الله أن الخوارج لم تزكيهم اعمالهم على كثرتها من صلاة وقراءة وقيام
وقال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم “هم شر الخلق والخليقة” لماذا يا عباد الله؟ لفساد في عقيدتهم مع ان الفساد الذي دخل عقيدة الخوارج لم يخرجهم من الإسلام فهم مسلمون باتفاق الصحابة رضي الله عنهم أجمعين
قال النبي صلى الله عليه وسلم مخاطبا الصحابة وهم خير الناس “تحقرون صلاتكم عند صلاتهم وقراءتكم عند قراءتهم”
لماذا يا عباد الله؟ لأجل فساد في قلوب الخوارج فانتبهوا رعاكم الله
ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يحذر في كل خطبة بقوله “إن شر الأمور محدثاتها وكل محدثه بدعة” مع ان البدع لم تقع في زمانه صلى الله عليه وسلم فأمور الشر كثيرة يا عباد الله لكن اشرها او أكثرها شرا هي البدعة في الدين قال تعالى (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ ) وقال تعالى
(وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ) اسأل الله ان يحيني وإياكم على التوحيد والسنة ويمتنا على ذلك ويحسن عاقبتنا في الأمور كلها اقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم.

الخطبة الثانية:
الحمد لله على إحسانه والشكر لله على توفيقه وامتنانه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وإخوانه أما بعد:
عباد الله: اتقوه حق التقوى وراقبوه في السر والنجوى واعلموا أنكم غداً بين يدي الله موقوفون وعلى زلاتكم محاسبون وسيعلم الذين ظلموا أي منقلبٍ ينقلبون.
خذوا من دنياكم لآخرتكم ومن صحتكم لسقمكم فإن اليوم عمل وغدا حساب ولا عمل.
ثم صلوا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه فقال: “إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما” الآية. اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وارضى اللهم على أصحابه وأتباعه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وعنا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذِلّ الشرك والمشركين ودمّر أعداءك أعداء الدين اللهم آمنا بدورنا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك برحمتك يا أرحم الراحمين. اللهم من أراد بلادنا هذه وبلاد المسلمين عامة بسوء فاللهم أشغله في نفسه واجعل تدبيره في تدميره واجعل دائرة السوء عليه يا قوي يا عزيز.
اللهم وفق إمامنا خادم الحرمين الشريفين لما تحبه وترضاه اللهم وفّقه وولي عهده ووزراءه وأعوانه وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة وأصلحنا جميعا رعاة ورعية.
اللهم انصر جنودنا المرابطين على الثغور وفي كل الميادين اللهم انصرهم على عدوك وعدوهم وحقق فيهم أسباب نصرك المبين يا ذا الفضل العظيم اللهم تقبل من مات منهم في الشهداء وداو من تأذى منهم برحمتك وردهم إلى أهلهم وذويهم سالمين غانمين ولا تحرمنا وإياهم الأجر يا أرحم الراحمين ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
١٧ صفر ١٤٤٣هـ
هاشم المطيري

لتحميل الخطبة ملف PDF إضغط هنا

لتحميل الخطبة ملف MP3 إضغط هنا

بواسطة هاشم المطيري

المشرف على موقع البيعة
ماجستير عقيدة ومذاهب معاصرة
داعية وخطيب جمعة ومهتم بالأمن الفكري وتوعية المجتمع.