تجد في نهاية الخطبة رابط تحميل الخطبة ملف PDF وملف صوتي MP3
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا
[ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون]الآية
[يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ] سورة النساء آية ١.
[يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا] سورة الأحزاب، الآيتين : ٧٠-٧١.
عباد الله
أخبر النبي ﷺ عن افتراق الأمة فقال: “وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، فقيل: من هي يارسول الله، فقال، من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي”.
وهذا الذي أخبر عنه النبي ﷺ وقع، فخرجت الفرق والأحزاب والجماعات المخالفة لما كان عليه النبي ﷺ وأصحابه.
واستمر خروج الفرق والأحزاب إلى زماننا هذا الذي خرجت فيه فرق كثيرة، من أخطرها شراً، تنظيم الإخوان الإرهابي، الذي نشأ على يد حسن البنا وهو رجل صوفي، ولذلك سمى جماعته في البداية بجماعة الإخوان الحصافية، والحصافية طريقة صوفية متفرعة عن الطريقة الشاذلية الصوفية المعروفة، ثم غير اسمها إلى جماعة الإخوان المسلمين، وهذه الجماعة تخالف أهل السنة في أصول كثيرة ومنها:
١-عدم العناية بالدعوة للتوحيد والنهي عن الشرك، الذي هو أصل الأصول.
٢-عدم العناية بالسنة والاتباع والنهي عن البدع والابتداع.
والسبب في مخالفته في هذين الأصلين أنهم صوفية لا يهتمون بالتوحيد ولا بالسنة، لأن فاقد الشيء لا يعطيه.
٣-أصل الإمامة، فأهل السنة يَرَوْن البيعة والسمع والطاعة لولي الأمر والجهاد معه، وأما تنظيم الإخوان فيرى البيعة للمرشد أو نائبه، والسمع والطاعة لهم والجهاد معهم.
٤-الولاء والبراء عند أهل السنة منعقد على الدين الحق، فينصرون الحق ولو جاء به العدو ويردون الباطل ولوجاء به المحب، أم تنظيم الإخوان فإنهم يوالون من كان معهم ولو كان من أفسد الناس، بل ويعطمونه كما فعلوا مع سيد قطب الذي يسب ويكفر بعض الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، وفي نفس الوقت يعادون ويهاجمون من كان ضدهم ولو كان من خير الناس كما فعلوا مع ابن باز فوصفوه بأنه لا يفقه الواقع، ووصفوا الألباني بالإرجاء لأن هؤلاء العلماء خالفوهم.
وبهذا يُعلم أن تنظيم الإخوان الإرهابي تنظيم مخالف لأصول أهل السنة والجماعة، فالواجب على كل مسلم أن يحذر من هذا التنظيم ويُحذر منه، كما فعل علماؤنا كابن باز الذي وصفهم بأنهم من الثنتين والسبعين الهالكة، وقال الألباني: لا يصح أن يقال إن الإخوان من أهل السنة لأنهم يعادون السنة، وقال الشيخ الفوزان: إن الإخوان ليسوا من أهل السنة، وأصدرت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية بياناً كاملاً في الرد عليهم والتحذير منهم.
عباد الله إن تنظيم الإخوان الإرهابي، لما أراد اختراق هذه الدولة السنية السلفية، جاء أحد أعضائه من الشام اسمه محمد سرور زين العابدين فتظاهر بعقيدة السلف، والرد على أهل البدع، وأخفى عقيدة الإخوان، حتى يُروج مذهبه، فأسس باعترافه تنظيماً حزبياً أخوانياً في المملكة العربية السعودية، يحمل نفس فكر تنظيم الإخوان الإرهابي، لكنه يتظاهر بالعقيدة السلفية، لكنهم يعرفون بعدة علامات واضحة ومنها:
١-الدفاع عن تنظيم الإخوان الإرهابي، ورموزه.
٢-تبني طريقة تنظيم الإخوان في الخروج على الحكام والتحريض عليهم، والحث على الثورات والمظاهرات.
٣-الجهاد مع غير ولي أمر المسلمين، ولذلك تجدهم يعلنون الجهاد دون رجوع لولي أمر المسلمين ولا استئذانه.
٤-الطعن في أهل السنة وعلمائهم بأنهم لا يفقهون الواقع، وأنهم علماء السلطان أوغلاة الطاعة، حتى يشوهوا صورتهم ويحولوا بينهم وبين الناس. وأحيانا يخوفون الناس بأنهم مباحث يوحون للناس بطريقة غير مباشرة ان العمل في أجهزة الدولة جريمة فهم يحولون بين الناس وبين العلماء وطلبة العلم من جهة ويشوهون صورة رجال الأمن من جهة.
فيا عباد الله من رأيتم يحمل هذه الأوصاف، أو شيئاً منها فاحذروه وحذروا الناس منه ومن طريقته فإن هذا من التعاون على البر والتقوى كما قال الله تعالى: ﴿وَتَعاوَنوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقوى وَلا تَعاوَنوا عَلَى الإِثمِ وَالعُدوانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَديدُ العِقابِ﴾ [المائدة: ٢]
وإن أخذل الخذلان واضعف الرجال من يترك أمثال هؤلاء يعبثون بمقدرات هذا الوطن الآمن ويستجلبون الفتن والفوضى التي دمرت البلدان من حولنا دون اعتبار ولا خوف من عقوبة الجبار.
أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد ان لا اله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه، وأشهد ان محمدا عبده ورسوله الداعي لرضوانه صلى الله عليه وعلى اله وصحبه واخوانه، أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله اتقوه حق التقوى وراقبوه في السر والنجوى، واعلموا انكم غدا بين يدين الله موقوفون وعلى زلاتكم وتفريطكم نادمون وسيعلم الذين ظلموا اي نقلب تنقلبون.
خذوا من دنياكم لآخرتكم ومن شبابكم لهرمكم ومن صحتكم لسقمكم؛ فإن اليوم عمل وغدا حساب ولا عمل.
عباد الله اعلموا أن من عقيدة أهل السنة والجماعة السمع والطاعة لولي الأمر وتأليف قلوب المسلمين حول وليهم وحاكمهم بذكر محاسنه وستر معايبه والنصيحة السرية لمن يحسن النصيحة حفاظا على لحمة المجتمع ووحدة الصف واجتماع الكلمة نعمة عظيمة والألفة بين المسلمين منة من الله امتن بها على عباده فقال سبحانه[ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا]الآية فلا تغرنكم الشعارات البراقة لتلك التنظيمات التي ترفع الإسلام شعارا وتورث العباد والبلاد خرابا ودمارا لم يقيموا دنيا ولا دين ولم يجني المسلمون منهم خيرا وثمارا والعاقل من أخذ من غيره عبرة واعتبارا.
عباد الله صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه فقال سبحانه: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)، اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك و رسولك محمد، وارض اللهم عن اصحابه واتباعه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، واعنا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم اعز الإسلام والمسلمين، واذل اللهم الشرك والمشركين ودمر اعدائك اعداء الدين.
اللهم من أراد بلادنا بسوء وبلاد المسلمين كافة فاللهم اشغله في نفسه واجعل تدبيره في تدميره واجعل دائرة السوء عليه ياقوي ياعزيز. اللهم وفق إمامنا خام الحرمين الشريفين لما تحبه وترضاه، اللهم ارزقه البطانة الصالحة الناصحة، واصلحنا جميعا رعاة ورعية، وخذ بنواصينا بالبر والتقوى. اللهم انصر جنودنا المرابطين على الثغور وفي كل الميادين، اللهم ايدهم بتاييدك وانصرهم بنصرك ياقوي ياعزيز، تقبل من مات منهم في الشهداء وداوئ جرحاهم، وردهم إلى اهلهم وذويهم سالمين، ولا تحرمنا وإياهم الاجر يا أرحم الراحمين.
اللهم عليك بكل منحرف عن الدين ذات الشمال وذات اليمين، اللهم أبرم في هذه الأمة أمر رشد يُعز فيه أهل الطاعة ويهدى فيه أهل المعصية ويؤخذ فيه على أيدي السفهاء والفساق لما فيه خير المسلمين
ربنا لا تؤاخذنا بما فعلنا ولا بما فعله السفهاء منا وعاملنا بما أنت أهل له إنك أنت أهل التقوى وأهل المغفرة
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين.
هاشم المطيري
١٦ ربيع الأول 1443هـ