التصنيفات
خطب العيد والاستسفاء

خطبة استسقاء في يوم الخميس ٢٩ ربيع الأول ١٤٤٣هـ

خطبة استسقاء
الحمد لله الغنيِّ الجواد، الكريمِ الوهاب، المُتواتِر، المُنعِمِ بالخيرات، المُفِيضِ لعظيم البركات، اللَّطيفِ بعباده، كاشفِ شِدَّاتهم، وفارجِ كُرباتهم، ومُجيبِ دعواتهم، والمُتكفِّلِ بأرزاق جميعهم،، فله الحمد على ما أنْعَم، وأشكره على ما تفضَّل بِه علينا وأكرَم،، وأشهد أنْ لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، صلِّ وسلِّم وبارك عليه، وعلى آله وأزواجه وذُريَّته وأصحابه، ثم أما بعد
عباد الله
ان أعظمَ أسباب تأخر الغيث هي ذُنوبُ العباد مِن شركياتٍ وبِدَع ومعاص، وترْكٍ لِما أوجَب الله وفرَض، فإنَّه ما نَزل بالعباد بلاء إلا بذَنْب، ولا حلَّت مُصيبة وكَرْب بالخلق إلا مِن خطاياهم، ولا فشا الفساد في البَرِّ والبحر والجَوِّ إلا بسب السيئات، فقد قال الله سبحانه مُخبِرًا لنا عن ذلك ومًحذِّرَا: { وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ }.
وقال ــ جلَّ وعزَّ ــ: { ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ }.


وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: (( وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ إِلَّا مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنْ السَّمَاءِ وَلَوْلَا الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا )).
ولا يرتفع ذلك عن العباد إلا بتقوى الله ــ جلَّ وعلا ــ، باتِّباع أوامره، والقيام بِما فرَض، وترْكِ ما نَهى عنه وزجَر، والتوبةِ إليه، وكثْرةِ استغفاره، والاستقامة على شريعته، حيث قال ــ عزَّ شأنه ــ: { وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ }. وقال سبحانه: { وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ }.
وأخْبَر ــ جلَّ وعلا ــ أنَّ نوحًا عليه السلام ــ قال لقومه: { فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا }. وقال ــ تبارك اسمه وتقدَّس ــ: { وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ }.
وقال تعالى: { وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا }.
عباد الله: إنَّكم شَكوتم جَدْبَ دياركم، واستِئْخَارَ المطر عن أوان زمانه عنكم، وقد أمرَكم الله ــ عزَّ وجلَّ ــ أنْ تدعوه، ووعدكم أنْ يَستجيب لكم.
فاللهم إنَّا نحمدك ونُثني عليك بأنَّك أنت الله لا إله إلا أنت، الحي القيوم، بديع السماوات والأرض، الأحَدُ الصمد الذي لم يَلِد ولم يُولَد، ونُصلِّي على عبدك ورسولك محمد صلى الله عليه وسلم.
«اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا».
«اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا مَرِيئًا مَرِيعًا طَبَقًا عَاجِلًا غَيْرَ آجِلٍ، نَافِعًا غَيْرَ ضَارٍّ».
«اللَّهُمَّ اسْقِ عِبَادَكَ وَبَهَائِمَكَ, وَانْشُرْ رَحْمَتَكَ, وَأَحْيِ بَلَدَكَ الْمَيِّتَ».
«اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَغْفِرُكَ وَنَسْتَسْقِيكَ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَغْفِرُكَ، إِنَّكَ كُنْتَ غَفَّارًا، أَرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْنَا مِدْرَارًا، اللَّهُمَّ اسْقِنَا سُقْيَا نَافِعَةً وَادِعَةً تَزِيدُ بِهَا فِي شُكْرِنَا، وَارْزُقْنَا رِزْقَ إِيمَانٍ وَبَلَاغَ إِيمَانٍ، إِنَّ عَطَاءَكَ لَمْ يَكُنْ مَحْظُورًا، اللَّهُمَّ اسْقِ عِبَادَكَ وَبِلَادَكَ وَأَحْيِ بَهَائِمَكَ، وَانْشُرْ رَحْمَتَكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، اللَّهُمَّ أَنْزِلْ فِي أَرْضِنَا رَبِيعَهَا، وَأَنْزِلْ فِي أَرْضِنَا سَكَنَهَا، وَارْزُقْنَا مِنْ بَرَكَاتِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ، اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا مُغِيثًا طَبَقًا عَاجِلًا غَيْرَ آجِلٍ، نَافِعًا غَيْرَ ضَارٍّ، تُرْخِصُ بِهِ أَسْعَارَنَا، وَتُدِرُّ بِهِ أَرْزَاقَنَا، وَتُنْعِمُ بِهِ عَلَى بَدْوِنَا وَحَضَرِنَا، وَاجْعَلْنَا لَكَ شَاكِرِينَ».
«اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا هَنِيئًا مَرِيئًا مَرِيعًا غَدَقًا مُجَلَّلًا عَامًّا طَبَقًا سَحًّا دَائِمًا، اللَّهُمَّ اسْقِنَا الْغَيْثَ وَلَا تَجْعَلْنَا مِنَ الْقَانِطِينَ، اللَّهُمَّ إِنَّ بِالْعِبَادِ وَالْبِلَادِ وَالْبَهَائِمِ وَالْخَلْقِ مِنَ اللَّأْوَاءِ وَالْجَهْدِ وَالْفَتْكِ مَا لَا يَشْكُو إِلَّا إِلَيْكَ، اللَّهُمَّ أَنَبِتْ لَنَا الزَّرْعَ، وَأَدِرَّ لَنَا الضَّرْعَ، وَاسْقِنَا مِنْ بَرَكَاتِ السَّمَاءِ، وَأَنْبِتْ لَنَا مِنْ بَرَكَاتِ الْأَرْضِ، اللَّهُمَّ ارْفَعْ عَنَّا الْجَهْدَ وَالْجُوعَ وَالْعُرْيَ، واكْشِفْ عَنَّا مِنَ الْبَلَاءِ مَا لَا يَكْشِفْهُ غَيْرُكَ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَغْفِرُكَ، إِنَّكَ كُنْتَ غَفَّارًا فَأَرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْنَا مِدْرَارًا».
«اللَّهُمَّ سُقْيَا رَحْمَةٍ، لَا سُقْيَا عَذَابٍ، وَلَا بَلَاءٍ، وَلَا هَدْمٍ، وَلَا غَرَقٍ».
عباد الله: اعلموا أنَّه يُستحَّب للإمام إذا فرغ مِن خطبته ونَزل مِن المِنبر:أنْ يستقبل القبلة قائمًا، ويحوَّل ما استطاع مِن ظاهر لباسه الذي يَصلح للقلب، بجعل الأيمن على الأيسر والعكس، ويرفع يديه ويدعو قائمًا.
ويَفعل الناس مثله، إلا إنَّهم يَقلبون ويرفعون أيديهم ويدعون وهُم جلوس بإجماع أهل العلم.
والأفضل أنْ يَظلُّوا على قلْب لباسهم إلى أنْ يرجعوا.
هاشم المطيري
٢٩ ربيع الأول 1443هـ

لتحميل الخطبة ملف PDF اضغط هنا

لتحميل الخطبة ملف صوتي MP3 اضغط هنا

بواسطة هاشم المطيري

المشرف على موقع البيعة
ماجستير عقيدة ومذاهب معاصرة
داعية وخطيب جمعة ومهتم بالأمن الفكري وتوعية المجتمع.