تجد في نهاية الخطبة روابط تحميلها ملفات PDF & MP3
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا أما بعد:
فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة.
عباد الله:
قال تعالى “أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ” الآية
إن من أخطر أنواع الأمن من مكر الله هو الأمن من الوقوع في الشـرك والاغترار بنعمة التوحيد و استبعاد أن يسلب الموحد توحيده اعتدادا منه بنفسه وقوة إيمانه وإعجابا منه بسعة علمه، ولسان حاله يقول إنه غير مخاطب بخطورة الفتن وغير معني بتقلب القلوب أسأل الله لي ولكم السلامة والعافية والثبات على دينه حتى نلقاه وهو راض عنا.
عباد الله:
لقد خاف الرسل والأنبياء عليهم الصلاة والسلام على أنفسهم من الشرك فقال إمام التوحيد وأبو الأنبياء وخليل الرحمن إبراهيم عليه الصلاة والسلام “واجنبي وبني أن نعبد الأصنام” الآية
داعيا ربه وهو الذي حطم الأصنام بيديه وتبرأ من قومه وما يعبدون من دون الله وهجر أباه وقومه، بل مر عليه زمن ولم يكن على وجه الأرض مؤمنا غيره قال تعالى “إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِّلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ” الآية، ومع ذلك خاف على نفسه وبنيه من الشرك، وبنوه أيضا أنبياء عليهم السلام.
فما نقول نحن يا عباد الله ونحن أحق بالخوف من الشرك والفتنة وأولى بالوقوع فيه للجهل والظلم المنتشر في آخر الزمان، قال ص” الشرك في هذه الأمة أخفى من دبيب النملة السوداء على صفاةٍ سوداء في ظلمة الليل” الحديث
ودعاة الشرك هم أكثر المنتسبين إلى العلم في العالم الإسلامي من الصوفية القبورية والرافضة والمبتدعة عموما وكثير من جامعات العالم الإسلامي تدرس طلاب المسلمين أن معنى لا إله إلا الله راجع لتوحيد الربوبية وأن صرف العبادة لغير الله ليست شركا بما انه يعتقد أن الله هو الخالق الرازق المدبر، وذلك على العقيدة الصوفية الأشعرية في أحسن الأحوال.
عباد الله:
إن القبور والأضرحة تزار ويحج إليها بأضعاف أضعاف أعداد حجاج بيت الله الحرام، بل إن كثيرا من حجاج بيت الله يطوف حول الكعبة وتسمعهم يدعون غير الله ويطلبون المغفرة من الأموات ويتبركون بالزوايا والاحجار والاعمدة والجدران في البيت الحرام وغيره.
عباد الله:
قد يشتبه على بعض من سمع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم «إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ أَيِسَ أَنْ يَعْبَدُه الْمَصْلُونُ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَلَكِنْ فِي التَّحْرِيشِ بَيْنَهُمْ» أخرجه مسلم، وليس في الحديث ما يدل على أن الشرك لن يقع في شرح العلماء للحديث، وقد وقع الشرك في الحقيقة تاريخيا وأحاديث أخرى تدل على أنه سيقع فكيف يؤخذ ببعض النصوص ويعرض عن بعض؟!
أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ: ( لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَضْطَرِبَ أَلَيَاتُ نِسَاءِ دَوْسٍ عَلَى ذِي الخَلَصَةِ ) ، وَذُو الخَلَصَةِ : طَاغِيَةُ دَوْسٍ الَّتِي كَانُوا يَعْبُدُونَ فِي الجَاهِلِيَّةِ . وهذا الضريح مكانه في جزيرة العرب وقد عبد لقرون في جزيرة العرب بعد الخلافة الراشدة وهدمه جيش الإمام محمد بن سعود في الدولة السعودية الأولى ثم بني مرة أخرى بعد سقوط الدولة ثم هدم على يد جيش الدولة السعودية الثانية ثم رجع حتى هدمه جيش المؤسس الملك عبد العزيز في هذه الدولة السعودية المباركة دولة التوحيد والسنة.
هذه النعمة يا عباد الله يجب أن يحافظ عليها كل موحد ونخاف عليها أكثر من أنفسنا وولدنا وأهلونا واموالنا بل وكل ما نملك فإن خيرات الدنيا والآخرة كلها علقت على قيام التوحيد.
عباد الله:
إن من نقص التوحيد عدم الخوف عليه والأمن من الشرك هذا يعتبر نقص في الإيمان خطير ودليل على جهل كبير وعجب وكبرياء وغرور، وقد ذكر الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله أنواع المخالفين للتوحيد وذكر من أخطرها من عمل بالتوحيد ولم يعرف قدره ولم يعرف خطر الشرك وعظمه.
عباد الله:
يقول الله تعالى ” فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ” الآية، والعروة الوثقى هي لا إله إلا الله، لذلك قدم الكفر بالطاغوت كما قدم النفي على الإثبات في كلمة التوحيد لا إله إلا الله.
فكيف يكفر بالطاغوت وينفي المعبودات من دون الله من لا يعرف الشرك وخطره ويتعلم التوحيد وما ينقضه قال تعالى” فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك” العلم قبل القول والعمل، قال الصحابي الجليل حذيفة رضي الله عنه وعن الصحابة أجمعين
كان الناس يسألون عن الخير وكنت أسأل عن الشر مخافة أن يدركني.
فتعلموا يا عباد الله من أمور دينكم ما يستقيم به إيمانكم فإن الوخي قد انقطع والله سبحانه وتعالى يقول “وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ”
أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه وأشهد أن لا إله إلا الله تعظيما لشأنه وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وإخوانه أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله اتقوه حق التقوى وراقبوه في السر والنجوى واعلموا أنكم غدا بين يدي الله موقوفون وعلى زلاتكم وتفريطكم نادمون وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.
ثم صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه فقال “إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما” الآية.
اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وارض اللهم عن أصحابه وأتباعه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وعنا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداءك أعداء الدين اللهم آمنا بدورنا وأصلح اللهم أئمتنا وولاة أمورنا واجعل اللهم ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم وفق عبدك سلمان بن عبد العزيز لما تحبه وترضاه واجعل عمله في رضاك، اللهم ارزقه البطانة الصالحة الناصحة ووفقه لما تحب وترضى، اللهم أصلحنا جميعا رعاة ورعية.
اللهم آت نفوسنا تقواها وزكها أن خير من زكاها أنت وليها ومولاها، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
وأقم الصلاة.