تجد في نهاية الخطبة رابط تحميل الخطبة ملف PDF وملف صوتي MP3
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) الآية،( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) الآية،(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمً) الآيتين.
أما بعد:
فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل محدثه بدعة وكل بدعة ضلالة.
عباد الله:
قال الصحابي الجليل عبدالله بن عباس رضي الله عنهما في تفسير قوله تعالى: (وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ) هي الأيام العشر الأول من ذو الحجة وهو قول أكثر المفسرين؛ فاذكروا الله عباد الله اذكروا الله وسبحوه بكرة وأصيلا اذكروا تهليلا وتحميدا وتكبيرا وحوقلة وتمجيدا فإن الأعمال والأقوال في هذه الأيام مضاعفة مباركة لا يعدلها أي زمان من سائر العام ولا العشر الأواخر من رمضان، أخرج البخاري عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر” قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: “ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجلٌ خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء”. وروى الإمام أحمد عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله : “ما من أيام أعظم عند الله سبحانه ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر؛ فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد” الحديث.
عباد الله:
إن في هذه الأيام العشر الفضيلة أعظم أيام العام على الإطلاق بل أعظم يومين من أيام العام ألا وهما يوم عرفة ويوم عيد الأضحى المبارك يوم النحر أما يوم عرفة فقد قال صلى الله عليه وسلم في صيامه “أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده” رواه مسلم.
وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في حق حجاج بيت الله في يوم عرفة “إنَّ اللهَ يُباهي بأهلِ عرفاتٍ أهلَ السَّماءِ ، فيقولُ لهم : انظروا إلى عبادي جاءوني شُعثًا غُبرًا” الحديث.
وعن أم سلمة -رضي الله عنها- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها قالت : “نِعْمَ اليوم، يوم ينزل الله فيه إلى السماء الدنيا، قالوا: وأي يوم؟ قالت: يوم عرفة” أخرجه الحاكم والدارقطني وحسنه بعض أهل العلم.
ولعظم وفضل يوم عرفة فإنه لم يثبت نزول الله سبحانه وتعالى إلى السماء الدنيا في النهار إلا في يوم عرفه فقط، وهذا دليل عظيم على عظم ذلك اليوم فإن في نزول الرب جل في علاه رحمة ومغفرة أكثر من غيرها كما أن في ثلث الليل الآخر ينزل الرب سبحانه وتعالى أخرج البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال: “يَنْزِلُ رَبُّنا تَبارَكَ وتَعالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إلى السَّماءِ الدُّنْيا، حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ فيَقولُ: مَن يَدْعُونِي فأسْتَجِيبَ له، مَن يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَن يَسْتَغْفِرُنِي فأغْفِرَ له.” كذلك يغفر الله لعباده المؤمنين في يوم عرفة ما لا يغفر في غيره رحمة منه وفضلا حيث اصطفى سبحانه يوما واحدا فقط تجتمع فيه أسباب المغفرة والرحمة والعتق من النار ليسهل على من وفقه الله من عباده التفرغ لمناجاته وعبادته صياما وذكرا ودعاء واستغفارا.
قال ابن رجب رَحِمَهُ اللَّه: “يوم عرفة هو يوم العتق من النار، فيعتق الله فيه من النار من وقف بعرفة ومن لم يقف بها من أهل الأمصار من المسلمين فلذلك صار اليوم الذي يليه عيدًا لجميع المسلمين في جميع الأمصار من شهد الموسم منهم ومن لم يشهده لاشتراكهم يوم عرفة في العتق والمغفرة”.
اللهم وفقنا جميعا لما تحب وترضى في يوم عرفة وغيره من سائر الأيام واعتق رقابنا ورقاب والدينا ومن له حق علينا من النار وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين
أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله على إحسانه والشكر لله على توفيقه وامتنانه وأشهد أن لا إله إلا الله تعظيما لشأنه وأشهد أن محمد عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وإخوانه أما بعد:
عباد الله: اتقوا الله حق التقوى وراقبوه في السر والنجوى واعلموا أنكم غداً بين يدي الله موقوفون وعلى زلاتكم وتفريطكم نادمون وسيعلم الذين ظلموا أي منقلبٍ ينقلبون.
خذوا من قوتكم لضعفكم ومن شبابكم لهرمكم ومن صحتكم لسقمكم ومن فراغكم لانشغالكم ومن دنياكم لآخرتكم واسألوا الله أن يوفقكم لاغتنام مواسم البر وأن يرزقكم العزيمة على الرشد والثبات في الأمر والصبر على طاعة الله واسألوه من فضله ورحمته إنه الرحمن الرحيم ذو الفضل العظيم.
ثم صلوا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه فقال(إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما) الآية. اللهم صل وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وعنا معهم برحمتك وفضلك يا أرحم الراحمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذِلّ الشرك والمشركين ودمّر أعداءك أعداء الدين اللهم آمنا بدورنا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك.
اللهم من أراد بلادنا هذه وبلاد المسلمين عامة بسوء فاللهم أشغله في نفسه واجعل تدبيره في تدميره واجعل دائرة السوء عليه يا قوي يا عزيز.
اللهم وفق إمامنا خادم الحرمين وولي عهده ووزراءه وأعوانه لما تحبه وترضى واجعل عملهم في رضاك وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة وأصلحنا جميعا رعاة ورعية.
اللهم انصر جنودنا المرابطين على الثغور وفي كل الميادين وفي كل مجال وميدان اللهم انصرهم على عدوك وعدوهم وحقق فيهم أسباب نصرك المبين يا ذا الفضل العظيم اللهم تقبل من مات منهم في الشهداء وداو من تأذى منهم برحمتك وردهم إلى أهلهم وذويهم سالمين غانمين ولا تحرمنا وإياهم الأجر يا أرحم الراحمين.
اللهم عليك بالرافضة والحوثيين والإخوان والليبراليين وكل منحرف عن الدين ذات الشمال وذا اليمين.
اللهم أحينا على التوحيد والسنة مسلمين وألحقنا بالصالحين غير خزايا ولا محرومين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
٦ ذو الحجة ١٤٤٢هـ
هاشم المطيري