يوتيوب
تجد في نهاية الخطبة رابط تحميل الخطبة ملف PDF وملف صوتي MP3
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا
أما بعد فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل محدثه بدعة وكل بدعة ضلالة
عباد الله: في حديث الافتراق المشهور عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: وَإِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ تَفَرَّقَتْ عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ مِلَّةً، وَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلاَثٍ وَسَبْعِينَ مِلَّةً كُلُّهُمْ فِى النَّارِ إِلاَّ مِلَّةً وَاحِدَةً قَالُوا وَمَنْ هِي يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: مَا أَنَا عَلَيْهِ وَأَصْحَابِي”.وكذلك ما اخرج الشيخان عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لتتبعن سنن الذين من قبلكم، شبراً بشبر، وذراعاً بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب لاتبعتموهم. قلنا: يا رسول الله, اليهود والنصارى؟ قال: فمن؟)) عباد الله إن من الأمور التي حذرنا الله منها وكانت عند من قبلنا من الأمم هي الافتراق والتحزب قال تعالى:[ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (31) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا ۖ كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ] ولكن وقوع الافتراق في أمة الإسلام قدر كائن ولا شك لذلك قال تعالى[ وَسَكَنتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ]. فالافتراق حاصل لا محالة وواقع تعيشه الأمة وقدر لا ينكره إلا جاهل أو مكابر من أهل الافتراق لكن المطلوب منا هو كيفية التعامل مع هذا الوضع الواقع تعاملا شرعيا يرضي الله سبحانه وننجوا فيه من عقابه ونتجنب الافتراق عن صراطه المستقيم وسبيل المؤمنين من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين .
ومن أخطر الفرق التي خرجت عن ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه هي فرقة الصوفية، والتي تتشعب إلى فرق وطرق وسبل مختلفة تتكاثر يوما بعد يوم تشرذم الأمة مع مرور الزمن كونها باطل مخالف لما عليه الحق قال تعالى[ ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا] وقال سبحانه[ ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا ] فصاحب الباطل تجده متقلب ومختلف ليس له سبيل واحد ولا طريقة ثابتة بل اختلافه كثير وتلونه عجيب وهذه علامة أهل الباطل بينما تجد أهل الحق ثابتين على سبيل واحد لا تزعزعهم الفتن ولا يتقلبوا مع مرور الزمن لأنهم متبعين للكتاب والسنة بفهم سلف الأمة.
ومن أخطر اهل الباطل المختلفين والمخالفين للحق هم الصوفية فهي من نشرت عبادة القبور والأضرحة بالمشاركة مع الرافضة الأخباث من دعاء الأولياء والطواف بالقبور والذبح لها والسجود لها وبناءها في المساجد وحولها. فحرفت دين الإسلام الذي شرعه الله لتوحيده وأرسل رسله لإقامته بل خلق الله الخلق لأجل توحيده.
ثم لم يجد أعداء الإسلام عبر التاريخ بغلة يركبونها مثل الرافضة والصوفية فالرافضة كانوا عملاء خونة والصوفية كانوا جهال غششة أماتوا الولاء والبراء وجهاد الكفار لذلك استخدم الاستعمار مشايخ الصوفية ورفع من شأنهم ليصرف المسلمين عن علماء أهل السنة الذين ترتفع الأمة بعلمهم وتوجيهاتهم وهذا ما يخشاه الأعداء لذلك زرع الاستعمار قبل خروجه من بلدان المسلمين جماعات صوفية منظمة مدعومة محمية من الغرب الكافر بالوثائق والبينات ومن تلك الجماعات جماعة الإخوان المسلمين وجماعة التبليغ والدعوة أو التي يسمونهم الأحباب.
وكلتا الجماعتين يكمل بعضهما الآخر وكل واحدة تقوم بدور ومهام وتختص بطائفة ومراحل.
فجماعة التبليغ والدعوة الأحباب ينشطون في جمع الشباب من الشوارع والمساجد والأسواق والمجالس وحتى في المقاهي والاستراحات وخصوصا في القرى والهجر والمدن الصغيرة أما جماعة الإخوان المسلمين فينشطون في المدارس والجامعات والمدن والعواصم ويلتحق بهم من تخرج من جماعة التبليغ والدعوة الأحباب خصوصا في الجناح العسكري التكفيري لجماعة الإخوان المسلمين وهذا موثق مشهور كما حصل من بعض من فجر في حي العليا في الرياض ومن قبل في اغتيال الرئيس السادات في مصر وغيرها لذلك حذرت وزارة الداخلية والدفاع عندنا من مخالفة الانتماء لجماعة التبليغ والدعوة الأحباب قبل ما يقارب العشرين سنة ويتجدد التحذير كل حين لخطورة هذه الجماعة.
ولعل بعض من خرج مع جماعة التبليغ والدعوة الأحباب ينكر ما ذكرته وسأذكره لكم بمشيئة الله فأود أن أبين لكم أن لجماعة التبليغ والدعوة الأحباب وهي موضوع خطبتنا اليوم طرق ملتوية وأساليب سرية في جذب الشباب الملتحي وغيره حتى يقع في مصيدة التنظيم ووقتها لا يستطيع الفكاك منهم إلا أن يشاء الله برحمته. ثم إن عدم علمك يا من أحسن الظن بهذا التنظيم الخطير لا يعني أن الجماعة كما تظن لأنك لم ترى إلا ما علمته ومعرفة الموقف الشرعي من أي جماعة لا يعتبر ما تعرفهم من أفراد قد يخافون منهج الجماعة وعقيدتها المنحرفة وإنما العبرة بمراجع الجماعة وما كتب فيها والعبرة بما قاله مؤسسي الجماعة ورموزها المشهورين وحالهم. وعليه فلا يجوز الانتماء أو الدفاع أو التعاطف مع من خالف الكتاب والسنة وسبيل الصحابة والائمة ولو ظهر منه تنسك وخشوع لأن العقيدة فاسدة.
فأقول لكم يا عباد الله أولا إن مؤسس هذه الجماعة رجل صوفي قبوري مدفون في مسجد مركز الجماعة في الهند هو وزوج ابنته. والمؤسس صوفي بايع مشايخه على الطرق الصوفية الشركية البدعية وبايعه مريديه عليها أيضا.
للجماعة تعليمات مبتدعة وأركان ما انزل الله بها من سلطان يسمونها الصفات الستة صاغوها بكلام ظاهره الرحمة وباطنه العذاب. على طريقة الباطنية في إظهار أمور والمراد المعنى الخفي الذي يقصدونه.
فأول صفة هي الكلمة الطيبة يقصدون بها لا إله إلا الله وهذا المعنى الظاهر أما إذا طالعت تفسيراتهم لها تجدهم يريدون توحيد الربوبية لا توحيد الألوهية. وهذا خطأ عظيم وطامة خطيرة تجعل من كفار قريش مسلمين ومن عبادة الأصنام والقبور دين وكفاكم بهذه مخالفة. أما الصفة الثانية فهي الخشوع في الصلاة وهذا المعنى الجميل الظاهر لكنهم يفسرونها بأن الخشوع في الصلاة لا يحصل إلا عند قبر ولي من أولياء الصوفية والعياذ بالله. أما الصفة الثالثة وبها نكتفي لأن ذكر بعض الشيء دلالة على باقيه. وهي صفة الذكر والعلم فالعلم يقسمونه إلى قسمين علم مسائل وعلم فضائل فالمسائل يقصدون بها علم التوحيد والفقه من صلاة وصيام وحج وهكذا. هذا القسم يحذرون منه لأنه بزعمهم يسبب افتراق الأمة أما قسم علم الفضائل فيدعون إليه لذلك ترون أنهم يهتمون بالكتب التي تذكر فضائل الأعمال الصالحة مثل رياض الصالحين النووي وتجده تقريبا في كل مسجد وهذا دليل على انتشار الجماعة ووجودها على أرض الواقع. ومعلوم أنك لو تعلمت الفضائل لعبادة ولم تتعلم كيف تؤدي تلك العبادة فهل ينفعك معرفة فضائلها؟ وهذه طريقة التنظيمات فتجد جماعة الإخوان المسلمين يتكلمون في فضائل الجهاد وما للمجاهد من أجر عظيم اذا انتصر أو استشهد ولا يتكلمون في مسائل الجهاد وأحكامه الشرعية وضوابطه لأن معرفة الضوابط والأحكام يفسد على هذه الجماعات التحكم في الشباب فهم يريدون شبابا مندفعا في الدعوة والجهاد دون أحكام تفصيلية أو ضوابط شرعية ليسهل التحكم فيهم لخدمة التنظيم وتحقيق أهدافه وغاياته. فجماعة التبليغ والدعوة الأحباب يدعون إلى فضائل الدعوة ولا يعلمون اتباعهم علما شرعيا يرفع الجهل عنهم أولا قبل أن يحاولوا رفعه عن الناس ففاقد الشيء لا يعطيه. والنية الحسنة لا يقبل معها العمل ولا يؤجر عليه إلا إذا وافقت اتباعا للسنة وموافقة للحق وهذه تحتاج لطلب علم كي تعرف ما يوافق الحق مما يخالفه بالدليل الشرعي قال ابن مسعود رضي الله عنه “وكم من مريد للخير لم يصبه “
أقول قولي هذا واستغفر الله لي، ولكم
الخطبة الثانية:
الحمد لله على إحسانه والشكر لله على توفيقه وامتنانه وأشهد أن لا إله إلا الله تعظيما لشأنه وأشهد أن محمد عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وإخوانه أما بعد:
عباد الله اتقوه حق التقوى وراقبوه في السر والنجوى واعلموا أنكم غداً بين يدي الله موقوفون وعلى زلاتكم نادمون وسيعلم الذين ظلموا أي منقلبٍ ينقلبون.
عباد الله: يقول تعالى ﴿ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾. عباد الله لو لم يكن من جماعة التبليغ والدعوة الأحباب إلا أنهم يدعون إلى الله بزعمهم على غير بصيرة وعلم وينكرون على من انشغل بطلب العلم وترك الدعوة لو لم يأتي منهم إلا هذه المخالفة لكفى في تركهم والتحذير منهم فكيف اذا علمت مخالفاتهم العقدية والمنهجية والشركيات والبدع والخرافات ووحدة الوجود عندهم وكيف لو عرفت أنهم متواطئون في التعاون على الإثم والعدوان مع الجماعات التكفيرية الإرهابية وأن افرادا من جماعة التبليغ والدعوة الأحباب التحقوا بالتنظيمات الإرهابية ونفذوا عمليات وان التنظيمات الإرهابية ترسل أفرادها بين جماعة التبليغ كي لا تكشفهم الأجهزة الأمنية بزعم أن جماعة التبليغ والدعوة الأحباب ليس لها نشاط سياسي ولا إرهابي ولا علاقة لها بالعنف والسلاح. وهذا زعم يخالف تاريخ الجماعة ويقوله من لم يتدرج في سلم جماعة التبليغ وإنما هو مبتدئ التحق لتوه في الجماعة ويجهل دور الجماعة المكمل للتنظيمات السياسية الإرهابية الأخرى. فليحذر المسلم على دينه أولا وآخرا قبل تجريم الحكومات لمثل هذه التنظيمات وليعلم أن طريق هذه الفرق يبدأ بمخالفات يراها صغيرة ثم يعاقب بتركه للحق بعد أن عرفه فلا يستطيع الرجوع ولا التوبة روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال “إنَّ اللهَ حجَرَ التَّوبةَ عن كلِّ صاحِبِ بِدْعةٍ” عقوبة من الله أسأل الله السلامة والعافية. قال تعالى [ وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ]. قال الإمام البربهاري رحمه الله في شرح السنة “واحذر صغار المحدثات من الأمور، فإن صغير البدع يعود حتى يصير كبيراً، وكذلك كل بدعة أحدثت في هذه الأمة كان أولها صغيراً يشبه الحق فاغتر بذلك من دخل فيها، ثم لم يستطع المخرج منها، فعظمت وصارت ديناً يدان بها، فخالف الصراط المستقيم فخرج من الإسلام “
عباد الله من الأدلة على وجود هذه الجماعة بيننا وأن لها نشاطا وجماعة وتنظيم وعمل، انتشار رسائل في منصات التواصل الاجتماعي تحذر من تصديق خطباء الجمع في التحذير منها وتحاول تلميع الجماعة بأسلوب عاطفي خبيث حفاظا على أفراد التنظيم من الاستماع لغير مرشدي الجماعة وامراء التنظيم فاحذروا من هذه الجماعات التي أسسها المبتدعة ودعمتها أجهزة الاستخبارات الغربية وتبعها الجهال ومحسني الظن باسم الدعوة والدين. قال تعالى [ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ]
عباد الله صلوا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه فقال[إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ]
اللهم صل وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وعنا معهم برحمتك وفضلك يا أرحم الراحمين.
اللهم من أراد بلادنا هذه وبلاد المسلمين عامة بسوء فاللهم أشغله في نفسه واجعل تدبيره في تدميره واجعل دائرة السوء عليه يا قوي يا عزيز.
اللهم وفق إمامنا خادم الحرمين الشريفين لما تحبه وترضاه واجعل عمله في رضاك وارزقه البطانة الصالحة الناصحة وأصلحنا جميعا رعاة ورعية،
اللهم انصر جنودنا المرابطين على الثغور وفي كل الميادين اللهم انصرهم على عدوك وعدوهم وحقق فيهم أسباب نصرك المبين ياذاالفضل العظيم
اللهم تقبل من مات منهم في الشهداء وداو من تأذى منهم وردهم إلى أهلهم وذويهم سالمين غانمين ولا تحرمنا وإياهم الأجر يا أرحم الراحمين. وقوموا إلى صلاتكم
٦ جمادى الأولى ١٤٤٣هـ.
هاشم المطيري