تجد في نهاية الخطبة روابط تحميلها ملفات PDF وملف صوتي MP3
خطبة استسقاء جمادى الأولى ١٤٤٣هـ
الحمد لله مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المبعوث رحمة للعالمين وهداية للمتقين صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد
فاتقوا الله عباد الله واعلموا أن قلة الغيث وانقطاعه أو عدم الانتفاع به إذا نزل هو عقوبة من الله ونذير لعباده لبرجعوا إليه ويتوبوا قال تعالى “فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ” الآية
عباد الله المسلم في حاجة ماسة إلى الاستغفار ليل نهار من الذنوب والتقصير في أداء الفرائض فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم الذي غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر يستغفر في اليوم أكثر من مئة مرة كما في الحديث بل كان يستغفر في المجلس الواحد أكثر من سبعين مرة كما في حديث آخر. فأمته أولى بالاستغفار والتوبة والرجوع إلى الله الغفور الرحيم.
فالذنوب سبب البلاء ومنع الفضائل وعنوان الذل وطريق الرذائل فكما أن الحسنة تجر الحسنة فإن الذنوب تجر الذنوب أسأل الله السلامة والعافية لي ولكم
فعلى العبد استشعار أن الذنوب هي التي تحول بينه وبين سعادته في الدنيا والآخرة وهي سبب شقائه وضياع عمره وآماله. لذلك شرع الاستغفار على كل حال وحتى بعد الفراغ من الطاعات بل الاستغفار أول أمر جاء في الشريعة بعد العلم بلا إله إلا الله قال تعالى “فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك ” فكان الاستغفار كناية عن جميع الأقوال والأعمال الصالحة فتأملوا ذلك.
قال تعالى { فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا } وقال سبحانه { وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ }.
وقال تعالى: { وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا }.
ثم اعلموا يا عباد الله أن التقوى عموما من أسباب حصول الرزق ومنه الغيث من السماء قال تعالى { وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ }.
وقال سبحانه: { وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ }.
كما أن المصائب بسبب العباد أنفسهم قال تعالى { وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ}.
وقال ــ جلَّ وعزَّ ــ: { ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ }. وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: (( وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ إِلَّا مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنْ السَّمَاءِ وَلَوْلَا الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا )).
فاللهم إنَّا نحمدك ونُثني عليك بأنَّك أنت الله لا إله إلا أنت، الحي القيوم، بديع السماوات والأرض، الأحَدُ الصمد الذي لم يَلِد ولم يُولَد، ونُصلِّي على عبدك ورسولك محمد صلى الله عليه وسلم.
«اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا». «اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا مَرِيئًا مَرِيعًا طَبَقًا عَاجِلًا غَيْرَ آجِلٍ، نَافِعًا غَيْرَ ضَارٍّ». «اللَّهُمَّ اسْقِ عِبَادَكَ وَبَهَائِمَكَ, وَانْشُرْ رَحْمَتَكَ, وَأَحْيِ بَلَدَكَ الْمَيِّتَ». «اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَغْفِرُكَ وَنَسْتَسْقِيكَ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَغْفِرُكَ، إِنَّكَ كُنْتَ غَفَّارًا، أَرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْنَا مِدْرَارًا، اللَّهُمَّ اسْقِنَا سُقْيَا نَافِعَةً وَادِعَةً تَزِيدُ بِهَا فِي شُكْرِنَا، وَارْزُقْنَا رِزْقَ إِيمَانٍ وَبَلَاغَ إِيمَانٍ، إِنَّ عَطَاءَكَ لَمْ يَكُنْ مَحْظُورًا، اللَّهُمَّ اسْقِ عِبَادَكَ وَبِلَادَكَ وَأَحْيِ بَهَائِمَكَ، وَانْشُرْ رَحْمَتَكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، اللَّهُمَّ أَنْزِلْ فِي أَرْضِنَا رَبِيعَهَا، وَأَنْزِلْ فِي أَرْضِنَا سَكَنَهَا، وَارْزُقْنَا مِنْ بَرَكَاتِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ، اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا مُغِيثًا طَبَقًا عَاجِلًا غَيْرَ آجِلٍ، نَافِعًا غَيْرَ ضَارٍّ، تُرْخِصُ بِهِ أَسْعَارَنَا، وَتُدِرُّ بِهِ أَرْزَاقَنَا، وَتُنْعِمُ بِهِ عَلَى بَدْوِنَا وَحَضَرِنَا، وَاجْعَلْنَا لَكَ شَاكِرِينَ». «اللَّهُمَّ سُقْيَا رَحْمَةٍ، لَا سُقْيَا عَذَابٍ، وَلَا بَلَاءٍ، وَلَا هَدْمٍ، وَلَا غَرَقٍ».أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم وادعوا ربكم بقلوب حاضرة وارفعوا اكفكم إلى خالقكم ورازقكم فإنه قريب مجيب.
٩ جمادى الأولى ١٤٤٣هـ.
هاشم المطيري