يوتيوب
تجد في نهاية الخطبة رابط تحميل الخطبة ملف PDF وملف صوتي MP3
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا
أما بعد فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل محدثه بدعة وكل بدعة ضلالة
عباد الله: إن من سماحة شريعة الله أنها أجازت المسح على الخفين والجوربين، وتكاثرت الأحاديث في بيان جواز المسح على الجوربين، قال الحسن البصري: روى المسح على الخفين سبعون نفسًا.
والخفان هما ما كان من الجلد، أما الجوربان ما كان من غير الجلد، وما يُسمى شرابًا فإنه من الجوارب.
أخرج الشيخان عن المغيرة بن شعبة -رضي الله عنه- قال: كنت مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في سفر فتوضأ فأهويت لأنزع خفيه، فقال: «دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين»، ثم مسح عليهما -صلى الله عليه وسلم-.
أما المسح على الجوارب فقد ثبت عن صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن عبد الله بن مسعود الهذلي، وعن أبي مسعود البدري، وعن أنس بن مالك الأنصاري-رضي الله عنهم- وقال ابن تيمية: ليس بين الصحابة خلاف في ذلك. وإن للمسح عليهما شروطًا:
الشرط الأول: أن يكونا ملبوسين على طهارة ماء، فليس لأحد أن يمسح على الخف أو الجورب إلا وأن يكون قد لبسهما بعد وضوء أو غسل جنابة، لقوله في حديث المغيرة بن شعبة -: «دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين».
الشرط الثاني: أن يكونا غير نجسين، كأن يكونا من جلد غير مأكول لحم، فإنهما إذا كانا نجسين لم يصح المسح عليهما، وعلى هذا المذاهب الأربعة، وتوارد كلام العلماء على ذلك.
الشرط الثالث: ألا يكونا متنجِّسين، أي ألا تتعلق بهما نجاسة، فإذا تعلقت به نجاسة من بول أو غيره، فلا يصح المسح عليهما.
الشرط الرابع: ألا يكونا خفيفين يُرى ما وراءهما من لون الجلد لرقتهما، فقد حكى جمع من أهل العلم الإجماع على عدم جواز المسح على الخف إذا كان خفيفًا يُرى ما وراءه.
واعلموا أنه إذا كان الخف أو الجورب مخرقًا فإنه يصح المسح عليه، قال الإمام سفيان الثوري -رحمه الله تعالى-: وهل كانت خفاف المهاجرين والأنصار إلا مخرقة؟
وينبغي أن يُعلم أن للمسح على الخفين مدة، فإذا كان الرجل مقيمًا فإن له أن يمسح على خفه يومًا وليلة، يعني أربعًا وعشرين ساعة، وإذا كان مسافرًا فله أن يمسح على الخف ثلاثة أيام ولياليهن، يعني اثنتين وسبعين ساعة.
أخرج مسلم من حديث علي -رضي الله عنه- قال: جعل النبي -صلى الله عليه وسلم- يومًا وليلة للمقيم، وثلاثة أيام ولياليهن للمسافر، يعني في المسح على الخفين.
وتبتدئ مدة المسح من أول مسحة بعد حدث، وذلك أن الشريعة علقت الأمر على مسح الخفين، فلو قدر أن رجلًا مقيمًا غير مسافر توضأ ثم لبس خفه ثم صلى الظهر، وقبيل العصر في الساعة الثانية والنصف أحدث ثم توضأ لصلاة العصر ومسح على خفه، فإن له أن يمسح إلى الغد الساعة الثانية والنصف، أي لمدة أربع وعشرين ساعة.
ثم اعلموا أنه قد يلبس الرجل جوربًا أو شرابًا أو خفًا ثم يريد أن يلبس خفًا فوقه، فهل له أن يمسح على الأعلى ؟ أو لابد أن يخلع الأعلى ويرجع ويمسح على الاسفل؟
إن من أراد أن يمسح على الأعلى فيُشترط بإجماع أهل العلم كما حكاه ابن قدامة أن يلبس الأعلى على طهارة ولو على طاهرة مسح، فإذا لبسه على طهارة فله أن يمسح عليه. فلو أن رجلًا مسح على خفه قبيل العصر، ثم لما جاء وقت صلاة المغرب أراد أن يلبس فوقه خفًا آخر أو جوربًا آخر، فإن له أن يلبس ذلك وأن يمسح عليه بشرط أن يكون عند لبسه طاهرًا ولو على طهارة معلي
ثم إن الجورب الأعلى تبع للجورب الاسفل في المدة، فيستمر يمسح على الأعلى إلى أن تنتهي مدة المسح على الجورب الأسفل.
عباد الله إن المسح على الخفين طهارة مخففة، لذا كل ما يسمى مسحًا على الخف فإنه يُعد مسحًا، كما ذهب إلى ذلك الإمام الشافعي -رحمه الله تعالى- ولا يلزم أن يُعمم على الخف، فأي مسح على أعلى الخف يصح، لأن الشريعة جاءت بالمسح على الخفين فكل ما يسمى مسحًا فهو مجزئ.
ثم اعلموا أن من وقع في جنابة فإنه يجب عليه أن يخلع خفه، لأنه مُبطل للمسح على الخفين بدلالة السنة والإجماع.
ثبت عند الترمذي والنسائي من حديث صفوان بن عسال -رضي الله عنه- قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يأمرنا إذا كنا مسافرين ألا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة، لكن من غائط وبول ونوم. الحديث
وما هو في حكم الحدث الأصغر فإنه لا يلزم نزع الجورب أو الخف.
قال تعالى: “يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ ۚ وَخُلِقَ الْإِنسَانُ ضَعِيفًا” الآية
أقول قولي هذا واستغفر الله لي، ولكم
الخطبة الثانية:
الحمد لله على إحسانه والشكر لله على توفيقه وامتنانه وأشهد أن لا إله إلا الله تعظيما لشأنه وأشهد أن محمد عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وإخوانه أما بعد:
عباد الله اتقوه حق التقوى وراقبوه في السر والنجوى واعلموا أنكم غداً بين يدي الله موقوفون وعلى زلاتكم نادمون وسيعلم الذين ظلموا أي منقلبٍ ينقلبون.
عباد الله:
الشتاء ربيع المؤمن قصر نهاره فصامه وطال ليله فقامه فاغتنموا أعماركم بما ينجيكم من عذاب ربكم ويرفع درجاتكم، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ: §” لا تَزُولُ قَدَمَا الْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ أَرْبَعٍ: عَنْ عُمْرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ , وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَا أَبْلاهُ , وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَا أَنْفَقَهُ , وَعَنْ عِلْمِهِ مَاذَا عَمِلَ فِيهِ.
فالسؤال عن الوقت جاء بصيغتين عن العمر وعن الشباب لأهميته ثم أعلم أيها العبد أنك عبارة عن أيام وساعات كلما مضى يوم أو ساعة ذهب بعضك حتى تنقضي أيامك وساعاتك فانتبه فإنك ملاق ربك فاغتنم أيامك وساعاتك فيما يسرك يوم موتك وعند لقاء ربك.
خذوا من شبالكم لهرمكم ومن صحتكم لسقمكم ومن حياتكم لموتكم فإن اليوم عمل وغدا حساب ولا عمل وفي الحديث القدسي “إنَّما هي أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ، ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إيَّاهَا، فمَن وَجَدَ خَيْرًا، فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ وَمَن وَجَدَ غيرَ ذلكَ، فلا يَلُومَنَّ إلَّا نَفْسَهُ”
عباد الله صلوا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه فقال[إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ]
اللهم صل وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وعنا معهم برحمتك وفضلك يا أرحم الراحمين.
اللهم من أراد بلادنا هذه وبلاد المسلمين عامة بسوء فاللهم أشغله في نفسه واجعل تدبيره في تدميره واجعل دائرة السوء عليه يا قوي يا عزيز.
اللهم وفق إمامنا خادم الحرمين الشريفين لما تحبه وترضاه واجعل عمله في رضاك وارزقه البطانة الصالحة الناصحة وأصلحنا جميعا رعاة ورعية،
اللهم انصر جنودنا المرابطين على الثغور وفي كل الميادين اللهم انصرهم على عدوك وعدوهم وحقق فيهم أسباب نصرك المبين يا ذا الفضل العظيم
اللهم تقبل من مات منهم في الشهداء وداو من تأذى منهم وردهم إلى أهلهم وذويهم سالمين غانمين ولا تحرمنا وإياهم الأجر يا أرحم الراحمين. وقوموا إلى صلاتكم
١٣ جمادى الأولى ١٤٤٣هـ.
هاشم المطيري