التصنيفات
خطب الجمعة

مفطرات الصوم – هاشم لمطيري #الجمعة

تجد في نهاية الخطبة رابط تحميل الخطبة ملف PDF

الخطبة الأولى:
أما بعد :
صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قالَ: (( بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ إِذْ أَتَانِي رَجُلَانِ فَأَخَذَا بِضَبْعَيَّ فَأَتَيَا بِي جَبَلًا وَعْرًا، فَقَالَا: اصْعَدْ، فَقُلْتُ: إِنِّي لَا أُطِيقُهُ، فَقَالَا: إِنَّا سَنُسَهِّلُهُ لَكَ، فَصَعِدْتُ حَتَّى إِذَا كُنْتُ فِي سَوَاءِ الْجَبَلِ إِذَا بِأَصْوَاتٍ شَدِيدَةٍ، قُلْتُ: مَا هَذِهِ الْأَصْوَاتُ؟ قَالُوا: هَذَا عُوَاءُ أَهْلِ النَّارِ، ثُمَّ انْطُلِقَ بِي، فَإِذَا أَنَا بِقَوْمٍ مُعَلَّقِينَ بِعَرَاقِيبِهِمْ، مُشَقَّقَةٍ أَشْدَاقُهُمْ، تَسِيلُ أَشْدَاقُهُمْ دَمًا قَالَ: قُلْتُ: مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُفْطِرُونَ قَبْلَ تَحِلَّةِ صَوْمِهِمْ )).

أيُّها المسلمون:

أنَّ مُفسِداتِ الصومٍ لعديدةٌ، فاحذروا من فساد عبادة الصيام بشيء منها؛ ومن تلك المفطرات: الأكلَ، والشُّربَ، والجِماعَ، وهي مُفطِّراتُ بنصِّ القرآنِ والسُّنَّةِ النَّبويةِ واتفاقِ العلماء.


ومِن مُفسِداتِ الصومِ أيضًا: إخراجُ القَيءِ عمدًا،، صحَّ أنَّ ابنَ عمرَ ــ رضي الله عنه ــ قال: (( مَنِ اسْتَقَاءَ وَهُوَ صَائِمٌ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ ))، ومعنى: (( اسْتَقَاء )) أي: تَقَيَّء متعمِّدًا.
ومِن مُفسِداتِ الصومِ أيضًا: إخراجُ المَنِيِّ عن طريقِ الاستمناءِ، وهو مُفسِّدٌ للصومِ عندَ الأئمةِ الأربعةِ.ومِن مُفسِداتِ الصومِ أيضًا: إنزالُ المَنِيِّ بسببِ تَقبِيلٍ أو مَسٍّ أو ضَمٍّ أو مُباشَرةٍ للمرأةِ فيما دُون الفرْجِ، وهو مُفسِّدٌ للصومِ باتفاقِ العلماء. ومِن مُفسِداتِ الصومِ أيضًا: خروجُ دَمِ الحيضِ والنِّفاسِ مِن المرأةِ أثناءَ الصيام، وهو مُفسِّدٌ للصومِ باتفاقِ العلماء، وصحَّ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ في شأنِ المرأة: (( أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ )).
ومِن مُفسِداتِ الصومِ أيضًا: قَطْعُ نِيَةِ الصومِ بقصدِ الإفطارِ في جُزءٍ مِن نهارِ الصومِ ولو لم يأكل، وهو قولُ أكثرِ الفقهاء، لِما صحَّ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: (( إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى ))، حيثُ دَلَّ على أنَّ مَن نَوَى إبطالَ ما هو فيهِ مِن الصومِ فلَه ما نَوَى.
ومِن مُفسِداتِ الصومِ أيضًا: ابتلاعُ ما لا يُتغذَّى بِه كالتُّراب والحَصَى والنَّوى، وغيرِها، وهو مُفسِّدٌ للصومِ عندَ الأئمة الأربعة.
ومِن مُفسِداتِ الصومِ أيضًا: ابتلاعُ ما يَتبقَّى في الأسنانِ مِن لحمٍ ونحوِه مع القُدْرةِ على إخراجِه، وهو مُفسِّدٌ للصومِ عندَ عامَّة الفقهاء.
ومِن مُفسِداتِ الصومِ أيضًا: الرِّدةُ عن الإسلامِ باتفاق العلماء؛ ومن ذل الاستهزاء بالله ورسله وكلامه سبحانه وبدين الإسلام أو شعيرة من شعائره ولو على سبيل المزاح.
ومِن مُفسِداتِ الصومِ أيضًا: غسيلُ الكُلَى بطريقتيه، وبهذا يُفتِي العلماءُ: ابنُ بازٍ، والفوزانُ، والغُدَيَّانُ، والمُفتي آلُ الشيخ..
عباد الله
إنَّ مِنَ الأشياءِ لا يَفْسُدُ بحصولِها الصوم: مثل خروجَ المَنِيِّ مِن الرَّجلِّ أو المرأةِ بسببِ احتلامٍ في نهارِ الصومِ حالَ النوم، ولا يَفسُدُ بِه الصومُ باتفاقِ العلماء، لأنَّه يَخرجُ بغيرِ إرادةٍ مِن الإنسانِ وقصْد. كذلك : خروجُ القَيءِ بغيرِ تَسبُّب مِن الصائم، ولا يُفسِدُ الصومَ باتفاقِ العلماء، وصحَّ أنَّ ابن عمر ــ رضي الله عنه ــ قال: ((مَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ ))، ومعنى (( ذَرَعَه )) أي: غلبَه.
ومِن الأشياءِ التي لا يَفْسُدُ بحصولِها الصومُ أيضًا: الأكلُ والشُّربُ نسيانًا، أو فِعلُ أيّ مُفطِّرٍ نسيانًا، لِقولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم الصَّحيحِ: ((مَنْ نَسِيَ وَهُوَ صَائِمٌ فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ، فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللهُ وَسَقَاهُ))..
ومِن الأشياءِ التي لا يَفْسُدُ بحصولِها الصومُ أيضًا: وصولُ شيءٍ إلى حلْقِ الصائمِ مِن ماءِ المضمضةِ والاستنشاقِ بغيرِ قصدٍ ولا إسرافٍ ولا مُبالغةٍ مِن المُتوضِئ، وبذلكَ قال كثيرٌ مِن الفقهاء، لأنَّه وصَل إلى الحلْق بغير إرادةٍ ولا تَقَصُّدٍ ولا تجاوُز، وأمَّا إنْ بالغَ فيهما حتى سَبَقهُ الماء إلى حلقِه فيَفْسُدُ صومَهُ عندَ المذاهبِ الأربعةِ، لقولِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم الثابتِ: (( وَبَالِغْ فِي الِاسْتِنْشَاقِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا ))، حيثُ دَلَّ على: تأثُّرِ الصومِ بالمبالغة..
ومِن الأشياءِ التي لا يَفْسُدُ بحصولِها الصومُ أيضًا: تذَوُّقُ الطعامِ على طَرَفِ اللِّسانِ لِمعرفةِ حلاوتِه أو مُلوحتِه، أو تليينُ شيءٍ أو كسْرُهُ بالأسنانِ للصغيرِ دونَ بلعٍ لذلكَ ولا وجودِ طعمٍ في الحلْق، وهو مذهبُ الأئمةِ الأربعةِ، وغيرِهم، إلا أنَّه يُكرَهُ عندَ عدمِ الحاجةِ باتفاقِ المذاهبِ الأربعة، وقد صحَّ أنَّ ابن عباس ــ رضي الله عنه ــ قال: (( لاَ بَأْسَ أَنْ يَتَطَعَّمَ القِدْرَ أَوِ الشَّيْءَ )).
ومِن الأشياءِ التي لا يَفْسُدُ بحصولِها الصومُ أيضًا: القُبْلَةُ والمَسُّ والنَّظرُ للمرأةِ إذا لم يُصَاحَب بإنزالِ مَنِيٍّ أو مَذْيٍ، لِما صحَّ عن عائشة ــ رضي اللهُ عنها ــ: (( أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُقَبِّلُ وَهُوَ صَائِمٌ وَكَانَ أَمْلَكَكُمْ لِإِرْبِهِ)).
ومِن الأشياءِ التي لا يَفْسُدُ بحصولِها الصومُ أيضًا: بقاءُ الجُنُبِ مِن جماعٍ أو احتلامٍ أو المرأةِ الحائضِ والنُّفساءِ إذا طهُرَتا بالليلِ مِن غيرِ اغتسالٍ حتى يطلُعَ عليهم الفجر، ، لِما صحَّ عن عائشة ــ رضي الله عنها ــ أنَّها قالت: (( كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُدْرِكُهُ الْفَجْرُ فِي رَمَضَانَ وَهُوَ جُنُبٌ مِنْ غَيْرِ حُلُمٍ فَيَغْتَسِلُ وَيَصُومُ )).
ومِن الأشياءِ التي لا يَفْسُدُ بحصولِها الصومُ أيضًا: ابتلاعُ ما بينَ الأسنانِ مِن فضْلِ طعامٍ وغيرِه بدونِ قصْدٍ مِن الصائم، ولا قُدْرةٍ على دفعِه، وهو لا يُفسِدُ الصومَ باتفاقِ العلماء.
ومِن الأشياءِ التي لا يَفْسُدُ بحصولِها الصومُ أيضًا: الدَّمُ والقيحُ الخارِجَينِ مِن الأسنانِ واللِّثَّةِ إذا لم يَرجعا إلى الحلْق، ولا يُفسِدُ الصومَ باتفاقِ العلماء.
ومِن الأشياءِ التي لا يَفْسُدُ بحصولِها الصومُ أيضًا: الاكتحالُ حتى ولو وجَدَ الصائمُ طَعْمَهُ في حلْقه، وإلى هذا ذهبَ أكثرُ الفقهاء، لأنَّ العينَ ليست مَنفذًا إلى الجوف.
أقول قولي هذا واستغفر الله.


الخطبة الثانية:
الحمد لله على إحسانه والشكر لله على توفيقه وامتنانه وأشهد أن لا إله إلا الله تعظيما لشأنه وأشهد أن محمد عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وإخوانه أما بعد:
عباد الله اتقوه حق التقوى وراقبوه في السر والنجوى واعلموا أنكم غداً بين يدي الله موقوفون وعلى زلاتكم نادمون وسيعلم الذين ظلموا أي منقلبٍ ينقلبون.
اللهم صل وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وعنا معهم برحمتك وفضلك يا أرحم الراحمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذِلّ الشرك والمشركين ودمّر أعداءك أعداء الدين
اللهم من أراد بلادنا هذه وبلاد المسلمين عامة بسوء فاللهم أشغله في نفسه واجعل تدبيره في تدميره واجعل دائرة السوء عليه يا قوي يا عزيز.
اللهم وفق إمامنا خادم الحرمين الشريفين لما تحبه وترضاه واجعل عمله في رضاك وارزقه البطانة الصالحة الناصحة وأصلحنا جميعا رعاة ورعية،
اللهم انصر جنودنا المرابطين على الثغور وفي كل الميادين اللهم انصرهم على عدوك وعدوهم وحقق فيهم أسباب نصرك المبين يا ذا الفضل العظيم. اللهم تقبل من مات منهم في الشهداء وداو من تأذى منهم وردهم إلى أهلهم وذويهم سالمين غانمين ولا تحرمنا وإياهم الأجر يا أرحم الراحمين.
١٤ رمضان ١٤٤٣هـ.
هاشم المطيري

لتحميل الخطبة ملف PDF اضغط هنا

بواسطة هاشم المطيري

المشرف على موقع البيعة
ماجستير عقيدة ومذاهب معاصرة
داعية وخطيب جمعة ومهتم بالأمن الفكري وتوعية المجتمع.