التصنيفات
خطب الجمعة

فضل وأحكام ذكر الله

تجد في نهاية الخطبة رابط تحميل الخطبة ملف PDF وملف صوتي MP3


الخطبة الأولى:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا، أما بعد:
فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل محدثه بدعة وكل بدعة ضلالة.
عباد الله : قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً* وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً ﴾ الآية، وقال تعالى: ﴿وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا﴾ الآية، وقال تعالى: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ﴾ الآية، وقال تعالى: ﴿أَقِمْ الصَّلاةَ لِذِكْرِي﴾ الآية، وقال تعالى: ﴿ وَأَقِمْ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ﴾ الآية، وقال تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾ الآية، وقال تعالى: ﴿ وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً﴾ الآية، وقال تعالى: ﴿ فَإِذَا قَضَيْتُمْ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِكُمْ﴾ الآية، وقال تعالى: ﴿ فَإِذَا قُضِيَتْ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ الآية، وقال تعالى: ﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ* رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ* لِيَجْزِيَهُمْ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ الآية، وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْخَاسِرُونَ﴾ الآية.


ثبت عن النبي ﷺ في الحديث القدسي أن الله سبحانه وتعالى يقول: « أَنا مَعَ عبدي إذا هوَ ذَكَرَني وتحرَّكت بي شفتاهُ».
عباد الله: ذِكْرُ اللهِ على ثَلاثِ مراتِبَ؛ الأُولى: ذِكْرُه عندَ أمْرِه؛ امتثالًا لأوامِرِه، وأداءً لفرائضِه. الثَّانيةُ: ذِكْرُ اللهِ عند نواهِيهِ؛ فيَحْمِلُ على الكفِّ عنِ الفواحِشِ، والانتهاءِ عنِ المعاصي؛ حياءً مِن اللهِ، وإجلالًا له تبارَكَ وتعالى. الثَّالثةُ: ذِكْرُ اللهِ تعالى بالقلْبِ واللِّسانِ.
عباد الله: ثبت عن النبي ﷺ أنه قال: « أَلَا أُنَبِّئُكم بِخَيْرِ أعمالِكُم ، وأَزْكاها عِندَ مَلِيكِكُم ، وأَرفعِها في دَرَجاتِكُم ، وخيرٌ لكم من إِنْفاقِ الذَّهَب والوَرِقِ ، وخيرٌ لكم من أن تَلْقَوا عَدُوَّكم ، فتَضْرِبوا أعناقَهُم ، ويَضْرِبوا أعْناقكُم ؟ ! ، قالوا : بَلَى ، قال : ذِكْرُ اللهِ».
وثبت عن النبي ﷺ أنه قال: « لَأنْ أقولَ : سُبحانَ اللهِ والحمدُ للهِ ولا إلهَ إلَّا اللهُ واللهُ أكبَرُ أحَبُّ إليَّ ممَّا طلَعَتْ عليه الشَّمسُ».
عباد الله: إن حياة أرواحكم وأجسادكم وطمأنينة نفوسكم واستقرار أوضاعكم كل هذه معلقة بذكر الله سبحانه وتعالى، ثبت عن النبي ﷺ «مَثَلُ الذي يَذْكُرُ رَبَّهُ والذي لا يَذْكُرُ رَبَّهُ، مَثَلُ الحَيِّ والمَيِّتِ».
عباد الله: ذكر الله حصن للمسلم من شياطين الإنس والجن؛ ثبت عن النبي ﷺ أنه قال: «وأمركم بذكرِ اللهِ كثيرًا ومَثلُ ذلك كمثلِ رجلٍ طلبه العدوُّ سِراعًا في أثرِه حتَّى أتَى حصنًا حصينًا فأحرز نفسَه فيه وكذلك العبدُ لا ينجو من الشَّيطانِ إلَّا بذكرِ اللهِ».
عباد الله: إن العبد ليجد كسلا ولا شك في أداء بعض العبادات من النوافل العملية أو يجد في نفسه شحا من الصدقة بالمال لكنه لن يجد أسهل من ذكر الله في كل حين وعلى كل حال؛ ثبت أن رجلا قال: يا رسولَ اللهِ إنَّ شرائعَ الإسلامِ قد كثُرت عليَّ فأخبِرني بشيءٍ أتشبَّثُ به قال ﷺ: «لا يزالُ لسانُك رطبًا من ذكرِ اللهِ».
أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم.


الخطبة الثانية:
الحمد لله على إحسانه والشكر لله على توفيقه وامتنانه وأشهد أن لا إله إلا الله تعظيما لشأنه وأشهد أن محمد عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وإخوانه أما بعد:
عباد الله : اعلموا أن الذكر من أعظم العبادات وأسهلها؛ ولأنه عبادة كانت له صفات مطلوبة بعضها على وجه الشرط أو الركن كي يكون الذكر عبادة، وبعضها على وجه الاستحباب كي يكون الذكر على أكمل وجه وأكثر ثوابا.
فركن ذكر الله باللسان من التهليل والتسبيح والحمدله والتكبير والحوقلة والاحتساب وغيره من الأذكار المشروعة الثابتة وأعظمها تلاوة القرآن الكريم كل هذا يسمى ذكرا باللسان يشترط فيه تحريك الشفتين وإسماع نفسك ذلك الذكر بصوت ولو منخفض وهذا الشرط أو هو الركن لهذه العبادة مجمع عليه ولا يسمى ذكرا إلا بإسماع نفسك صوتك حكى على ذلك الإجماع شيخ الإسلام ابن تيمية وابن قدامة والبيهقي والنواوي وغيرهم رحمهم الله؛ فانتبهوا عباد الله من قراءة الصحف الصامتة أو مجرد تحريك الشفتين من غير صوت مسموع فإنه وقت يؤجر عليه صاحبه ولكن لا يترتب عليه الأجور والفضائل المذكورة في تلاوة القرآن الكريم ولا الأذكار الثابتة عن النبي ﷺ ولا يسمى ذكرا.
عباد الله: من سنن ذكر الله الطهارة واستقبال القبلة واستحضار معاني الذكر ومقصوده؛ فإن هذه السنن تزيد من الأجر والثواب في هذه العبادة اليسيرة على من يسرها الله له، فاغتنموا أوقاتكم بذكر الله ولذلك خلقكم.
ثم صلوا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه فقال سبحانه: ﴿إنَّ الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما﴾ الآية. اللهم صل وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وعنا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذِلّ الشرك والمشركين ودمّر أعداءك أعداء الدين اللهم من أراد بلادنا هذه وبلاد المسلمين عامة بسوء فاللهم أشغله في نفسه واجعل تدبيره في تدميره واجعل دائرة السوء عليه يا قوي يا عزيز.
اللهم وفق إمامنا خادم الحرمين وولي عهده ووزراءه لما تحبه وترضاه واجعل عملهم في رضاك وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة وأصلحنا جميعا رعاة ورعية، وخذ بنواصينا جميعا للبر والتقوى.
اللهم انصر جنودنا المرابطين على الثغور وفي كل الميادين اللهم انصرهم على عدوك وعدوهم وحقق فيهم أسباب نصرك المبين يا ذا الفضل العظيم اللهم تقبل من مات منهم في الشهداء وداو من تأذى منهم وردهم إلى أهلهم وذويهم سالمين غانمين ولا تحرمنا وإياهم الأجر يا أرحم الراحمين.
اللهم عليك بالرافضة والحوثيين والإخوان والليبراليين وكل منحرف ذات الشمال وذا اليمين عن الملة والدين وسبيل عبادك المؤمنين.
ربنا اتنا في الدنيا حسنه وفي الآخرة حسنه وقنا عذاب النار. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
٨ ذو القعدة ١٤٤٢هـ
هاشم المطيري

لتحميل الخطبة ملف PDF إضغط هنا

لتحميل الخطبة ملف MP3 إضغط هنا

بواسطة هاشم المطيري

المشرف على موقع البيعة
ماجستير عقيدة ومذاهب معاصرة
داعية وخطيب جمعة ومهتم بالأمن الفكري وتوعية المجتمع.