تجد في نهاية الخطبة رابط تحميل الخطبة ملف PDF وملف صوتي MP3
معنى الشرك بالله
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا، أما بعد:
فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل محدثه بدعة وكل بدعة ضلالة.
قال تعالى: ﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ۖ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ۚ فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انفِصَامَ لَهَا ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ الآية.
قال ابن عباس رضي الله عنهما العروة الوثقى هي لا إله إلا الله، عباد الله إن لا إله إلا الله هي كلمة التوحيد ورأس الإسلام بها يدخل الإنسان الإسلام ويخرج من الإسلام بنقضها؛ ثبت عن النبي ﷺ: «من قال لا إله إلا الله خالصا من قلبه دخل الجنة». وثبت عن النبي ﷺ: «مَنْ قال لَا إلهَ إلَّا اللهَ ، وكفَرَ بِما يعبُدونَ مِنَ دونِ اللهِ ، حرُمَ مَالُهُ ، ودَمُهُ ، وحسابُهُ على اللهِ».
وثبت عن وهب بن منبه رحمه الله أنه قيل له: “أليس مفتاح الجنة لا إله إلا الله؟ قال: بلى ولكن ليس من مفتاح إلا له أسنان فإن أتيت بمفتاح له أسنان فتح لك وإلا لم يفتح”. فكلمة التوحيد أو الإخلاص لها شروط أهمها وأولها العلم بمعناها الذي يحتوي على نفي وإثبات، نفي أن يكون إله معبودا بحق ثم إثبات وهو إلا الله، كما في الآية السابقة” فمن يكفر بالطاغوت” هذا النفي ثم “ويؤمن بالله” هذا الإثبات؛ لذلك كان معنى ما أتى بعده “فقد استمسك بالعروة الوثقى” أي بلا إله إلا الله. فمعرفة الطاغوت أو معاني الشرك وما ينقض كلمة التوحيد هو أول المهمات كي نحقق الشق الأول من كلمة التوحيد؛ وبضدها تتبين الأشياء.
عباد الله قد وردت في نصوص الكتاب والسنة ألفاظ تدل على معاني الشرك بالله المعنى الذي يشمل كل أنواع الشرك سواء في الألوهية أو الربوبية أو الأسماء والصفات، وقبل أن أعرض عليكم بتوفيق الله تلك الألفاظ والمعاني أود أن ينتبه كل واحد منا فيما بينه وبين نفسه فيسأل نفسه ما معنى الشرك ثم يعرض إجابته على إجابة العلماء الراسخين في العلم أمثال الشيخ محمد بن صالح العثيمين وغيره من علمائنا الراسخين فينظر ويقارن إجابته بإجابتهم و لنعرف يا عباد الله مدى انتشار الجهل في رأس الإسلام وهو أخطر شيء على المسلم يَرِدُ عليه.
عباد الله:
إن دين المسلم اهم ما يملك في هذه الدنيا يتمسك به حتى يلقى الله فينجو بذلك الدين من العذاب.
إن معنى الشرك يا عباد الله المعنى الصحيح الشامل لأنواع الشرك هو تسوية غير الله في الله في شيء من خصائص الله، فمعنى الشرك راجع إلى معاني التسوية أو المساواة بالله بينه سبحانه وبين احد من خلقه في شيء هو خاص بالله مثل العبادة والعبادة شيء خاصة بالله وكذلك على سبيل الذكر للحصر، علم الغيب والخلق من العدم وتدبير أمور الكون وغيرها من الأمور التي هي من خصائص الله وحده لا شريك له فلو اعتقد أحدا ان غير الله يعلم الغيب وهو لم يعبد الا الله لكان مشركا خارجا عن الملة بهذا الاعتقاد انظر يا عبد الله هو مشرك مع انه لم يعبد الا الله وذلك لأنه اعتقد اعتقادا شركي ان غير الله يعلم الغيب المطلق وهذا شيء خاص بالله فساوى بين الله وبين احد خلقه في شيء هو من خصائص الله لذلك قيل الشرك هو تسوية غير الله بالله في شيء من خصائص الله.
فأقول مستعينا بالله في الألفاظ التي وردت في النصوص في معاني الشرك: قال تعالى: ﴿ قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ (96) تَاللَّهِ إِن كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ (97) إِذْ نُسَوِّيكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ الآيات، وهذا أول معاني الشرك وهو التسوية.
وقال تعالى: ﴿ والذين كفروا بربهم يعدلون﴾ الآية أي يعدلون به غيره وهذا المعنى الثاني.
وقال تعالى: ﴿ وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا﴾، والقسط هو العدل أي يعدلون به غيره وهو المعنى الثالث.
وقال تعالى: ﴿ ليس كمثله شيء وهو السميع البصير﴾ الآية، وهنا لفظ المثل وهو المعنى الرابع.
وقال تعالى: ﴿ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا﴾ الآية، وهنا لفظ الند وهو المعنى الخامس.
وقال تعالى: ﴿ رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ ۚ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا﴾ الآية، وهنا لفظ السمي، قال ابن عباس رضي الله عنهما السمي المثل والشبه. وهذا المعنى السادس.
وقال تعالى: ﴿ ولم يكن له كفوا أحد﴾ الآية، وفي قراءة كفؤا أحد، ومعناه الند أو المماثل، كما نقول فلان كفؤ لفلان وهذا المعنى السابع من معاني الشرك التي وردت في كتاب الله.
فراجعوا هذه المعاني عباد الله وتفقهوا في دينكم؛ فإن من جهل شيئا لم يحترز من خطره. أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو التواب الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله على إحسانه والشكر لله على توفيقه وامتنانه وأشهد أن لا إله إلا الله تعظيما لشأنه وأشهد أن محمد عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وإخوانه أما بعد:
عباد الله اتقوه حق التقوى وراقبوه في السر والنجوى واعلموا أنكم غداً بين يدي الله موقوفون وعلى زلاتكم نادمون وسيعلم الذين ظلموا أي منقلبٍ ينقلبون.
اللهم صل وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وعنا معهم برحمتك وفضلك يا أرحم الراحمين. اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذِلّ الشرك والمشركين ودمّر أعداءك أعداء الدين اللهم من أراد بلادنا هذه وبلاد المسلمين عامة بسوء فاللهم أشغله في نفسه واجعل تدبيره في تدميره واجعل دائرة السوء عليه يا قوي يا عزيز.
اللهم وفق إمامنا خادم الحرمين الشريفين لما تحبه وترضاه واجعل عمله في رضاك وارزقه البطانة الصالحة الناصحة وأصلحنا جميعا رعاة ورعية، اللهم انصر جنودنا المرابطين على الثغور وفي كل الميادين اللهم انصرهم على عدوك وعدوهم وحقق فيهم أسباب نصرك المبين يا ذا الفضل العظيم. اللهم تقبل من مات منهم في الشهداء وداو من تأذى منهم وردهم إلى أهلهم وذويهم سالمين غانمين ولا تحرمنا وإياهم الأجر يا أرحم الراحمين. ربنا اتنا في الدنيا حسنه وفي الآخرة حسنه وقنا عذاب النار. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
٧ ربيع الآخر ١٤٤٣هـ
هاشم المطيري