تجد في نهاية الخطبة رابط تحميل الخطبة ملف PDF وملف صوتي MP3
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا
أما بعد فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل محدثه بدعة وكل بدعة ضلالة
عباد الله: (لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ۚ أُولَٰئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ ۖ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ۚ أُولَٰئِكَ حِزْبُ اللَّهِ ۚ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)
عباد الله عنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضيَ اللهُ عنهُ قالَ: قالَ رسُولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وَآله وَسَلَّمَ لِأَبي ذرٍّ رضيَ اللهُ عنهُ: «أيُّ عُرَى الإِيمَانِ ـ أظُنُّهُ قال ـ أَوْثَق؟» قالَ: «اللهُ ورسُولُهُ أعلم؟» قالَ: «المُوَالَاةُ فِي اللهِ وَالمُعَادَاةُ فِي اللهِ وَالحُبُّ فِي اللهِ وَالبُغْضُ فِي اللهِ عَزَّ وَجَلَّ» [أخرجه الطبرانيُّ في «الكبير» (١١٥٧)، وصحَّحه الألباني
عباد الله:
إن مما ابتلي فيه الناس في الأزمان المتأخرة هو ضعف الشخصية واهتزازها وإحساس المسلم – إلا من رحم الله – بالنقص والعيب مما هو فيه وإن لم يعترف والانهزامية التي جعلته يتبرأ من حضارته وثقافته ومن بعض شرائع الدين وأحكامه بلسان حاله وأحيانا أو كثيرا بلسان مقاله تصريحا لا تلميحا
إن تقليد الكفار والفساق من اليهود والنصارى وأهل الابتداع وأهل المجون والفسق والرذيلة بلية ابتلينا فيها وفتنة أكلت هذا الجيل إلا من رحم الله
وهي سنة قدرية أخبر عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال “لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَن قَبْلَكُمْ شِبْرًا بشِبْرٍ، وَذِرَاعًا بذِرَاعٍ، حتَّى لو سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ، قُلْنَا: يا رَسُولَ اللَّهِ، اليَهُودَ وَالنَّصَارَى؟ قالَ: فَمَنْ؟”
رواه البخاري
كل ذلك جاء من عدة أسباب يجب على المسلم معرفة بعضها كي لا تختفي شخصيته المسلمة ولا يذهب إيمانه مع ريح الفتن التي تضرب المجتمعات ليل نهار ومن تلك الأسباب
الابتداع في الدين تحريفا وتأويلا وتشريعا وتغييرا في العبادة والاعتقاد والوسائل والمعاملات فهذا من أعظم أسباب مشابهة الكفار من اليهود والنصارى الذين حرفوا دينهم وابتدعوا فيه قال تعالى ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم
وقال سبحانه(فَبَدَّلَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ قَوْلًا غَيْرَ ٱلَّذِى قِيلَ لَهُمْ)
فمن شابه الكافرين في تغيير الدين فإن الله يبتليه باتباعهم وتقليدهم في أمورهم الظاهرة من ملبس وطريقة الحياة عموما
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله الاتباع في الظاهر يورث مودة في الباطن
وهذا مشاهد ممن ابتلي في متابعة الكفار وتقليدهم من المسلمين حيث تجده يعظمهم منبهرا بما عندهم من الرذائل والرزايا التي توافق فسق نفسه وتلبي شهواته
فالابتداع في الدين سبب يمحق شخصية المسلم ويجعله في ابتلاء من الله عقوبة له حتى يتتبعهم ويقلدهم في كل شؤونهم والعياذ بالله
لأن السلامة من هذا المرض فضل من الله لا يؤتيه إلا أهل السنة الذين يحافظون عليها ويتجنبون الوقوع في البدع في الدين
السبب الثاني
كثرة المعاصي والادمان عليها من الكبائر وصغائر والاستهانة بها كل ذلك سبب في عقوبة الله ومن عقوبات الله وما يعلم جنود ربك إلا هو. أن يبتليك الله بتقليد الغرب ومتابعتهم فلا تظن أن وقوعك في ذلك التقليد مجرد ذنب وإنما هو عقوبة أيضا لأن الله سبحانة قال والذين اهتدوا زادهم هدى وقال إن الذين كفروا وظلموا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقا.
ومن الأسباب الانهزامية عند كثير من المسلمين ضعفاء الشخصية الذين ابتلوا بالجبن والخور ورضوا بحال الذل والخضوع وكأنهم خلقوا أذنابا وذيولا لغيرهم ألفوا حال القطيع من البهائم التي تتبع جرس الحمار أجلكم الله لا يتفكرون فيما أنعم الله عليهم بأن جعلهم مسلمين بل زيادة على ذلك من اهل السنة مهتدين بل بعضهم ذو نسب عربي أصيل ومع ذلك تجده امعة يتبع كل ناعق ويقلد كل كافر وفاسق نسي دينه وعقيدته وأصله وهويته يبحث في مستنقعات الحضارات السافلة عن شخصية يتقمصها باللبس واللغة والعادة والأعياد وأعوذ بالله من عقوبة الله.
عباد الله أيها المسلم قف قليلا واعرف من انت اعرف ما تفضل الله عليك به من نعم والاء لا يحلم بها من تقلدهم وتتبعهم نشوة وضعفا أو نسيانا وغفلة
فإن مثل من هذا حاله كمثل من رزقه الله امرأة جميلة تحبه ثم يذهب يواطئ البهيمة فاعتبروا قبل أن يمحق الله البركة فيما رزقكم أو يسخط عليكم فيسلب نعمه بعد أن من بها عليكم
عباد الله أن تقليد الكفار في اعيادهم وخصوصا الدينية اعتبره بعض أهل العلم كفرا مخرجا من الملة لأنه تأييد لهم على كفرهم وأقل احواله انه يقطع أوثق عرى الإيمان وهو البراء من اعداء الله يا من تحبون وتبغضون في الله.
أقول قولي هذا واستغفر الله لي، ولكم
الخطبة الثانية:
الحمد لله على إحسانه والشكر لله على توفيقه وامتنانه وأشهد أن لا إله إلا الله تعظيما لشأنه وأشهد أن محمد عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وإخوانه أما بعد:
عباد الله اتقوه حق التقوى وراقبوه في السر والنجوى واعلموا أنكم غداً بين يدي الله موقوفون وعلى زلاتكم نادمون وسيعلم الذين ظلموا أي منقلبٍ ينقلبون.
عباد الله: تعلموا من دينكم…
عباد الله صلوا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه فقال[إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ]
اللهم صل وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وعنا معهم برحمتك وفضلك يا أرحم الراحمين.
اللهم من أراد بلادنا هذه وبلاد المسلمين عامة بسوء فاللهم أشغله في نفسه واجعل تدبيره في تدميره واجعل دائرة السوء عليه يا قوي يا عزيز.
اللهم وفق إمامنا خادم الحرمين الشريفين لما تحبه وترضاه واجعل عمله في رضاك وارزقه البطانة الصالحة الناصحة وأصلحنا جميعا رعاة ورعية،
اللهم انصر جنودنا المرابطين على الثغور وفي كل الميادين اللهم انصرهم على عدوك وعدوهم وحقق فيهم أسباب نصرك المبين يا ذا الفضل العظيم
اللهم تقبل من مات منهم في الشهداء وداو من تأذى منهم وردهم إلى أهلهم وذويهم سالمين غانمين ولا تحرمنا وإياهم الأجر يا أرحم الراحمين. وقوموا إلى صلاتكم
٢٧ جمادى الأولى ١٤٤٣هـ.
هاشم المطيري