التصنيفات
خطب الجمعة

فضل العلم وطلبه – هاشم المطيري #الجمعه

تجد في نهاية الخطبة رابط تحميل الخطبة ملف PDF وملف صوتي MP3

فضل العلم وطلبه
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا
أما بعد فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل محدثه بدعة وكل بدعة ضلالة
عباد الله قال تعالى {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ ‌قَائِمًا ‌بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}،
اختص الله سبحانه وتعالى أهل العلم بالشهادة بعد أن شهد هو وملائكته بوحدانيته دون بقية الخلق وهذا شرف من الله عظيم وقال تعالى: {يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات} قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ – رضي الله عنه -: “مَدَحَ اللَّهُ الْعُلَمَاءَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ”، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَرْفَعُ اللَّهُ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُؤْتَوُا الْعِلْمَ.
كما أن الله سبحانه وتعالى نفى التسويةَ بين أهل العلم وغيرهم، فقال: {قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون} وهذا يدل على فضلهم. وعنْ معاويةَ بنِ أبي سفيانَ -رَضِيَ اللهُ عنهُ-قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ» مُتَّفقٌ عَلَيْهِ.

وَعَنْ أبِي هُريرةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أنَّ النبيَّ ﷺ قالَ: «وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا، سَهَّلَ اللهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَأَوْرَدَ الذَّهَبِيُّ فِي السِّيَرِ عَنْ أبِي موسَى -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أنَّهُ قَالَ: “لَمَجْلِسٌ أَجْلِسُهُ مِنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَوْثَقُ فِي نَفْسِى مِنْ عَمَلِ سَنَةٍ“
عباد الله اعلموا أن الله بعث نبيه بنور العلم لينقذ الناس من ظلام الجهل قال تعالى : {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}.
قال ابن تيمية رحمه الله: “ولا بقاء لأهل الأرض إلا ما دامت آثار الرسل موجودة فيهم فإذا درست آثار الرسل من الأرض وانمحت بالكلية ‌خرّب ‌الله العالم العلوي والسفلي وأقام القيامة”. لذلك فإنّ قلة العلم من أشراط الساعة، فقد ثبت في الصحيحين عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: لَأُحَدِّثَنَّكُمْ حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُحَدِّثُكُمْ بِهِ أَحَدٌ غَيْرِي: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ ‌يُرْفَعَ ‌العِلْمُ، وَيَكْثُرَ الجَهْلُ، وَيَكْثُرَ الزِّنَا، وَيَكْثُرَ شُرْبُ الخَمْرِ، وَيَقِلَّ الرِّجَالُ، وَيَكْثُرَ النِّسَاءُ حَتَّى يَكُونَ لِخَمْسِينَ امْرَأَةً القَيِّمُ الوَاحِدُ».
قال ابن حجر – رحمه الله -: ” وَكَأَنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ الْخَمْسَةَ خُصَّتْ بِالذِّكْرِ لِكَوْنِهَا مُشْعِرَةً بِاخْتِلَالِ الْأُمُورِ الَّتِي يَحْصُلُ بِحِفْظِهَا صَلَاحُ الْمَعَاشِ وَالْمَعَادِ وَهِيَ الدِّينُ لِأَنَّ رَفْعَ الْعِلْمِ يُخِلُّ بِهِ وَالْعَقْلُ لِأَنَّ شرب الْخمر يخل بِهِ وَالنّسب لِأَن الزِّنَى يُخِلُّ بِهِ وَالنَّفْسُ وَالْمَالُ لِأَنَّ كَثْرَةَ الْفِتَنِ تُخِلُّ بِهِمَا قَالَ الْكِرْمَانِيُّ وَإِنَّمَا كَانَ اخْتِلَالُ هَذِهِ الْأُمُورِ مُؤْذِنًا بِخَرَابِ الْعَالَمِ لِأَنَّ الْخَلْقَ لا يتركون هَمَلًا وَلَا نَبِيَّ بَعْدَ نَبِيِّنَا صَلَوَاتُ اللَّهُ تَعَالَى وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ فَيَتَعَيَّنُ ذَلِكَ”.
والمراد بقبض العلم ومحوه في هذا الحديث أن يموت حملته، كما ثبت في الصحيحين عن عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «إِنَّ اللهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ النَّاسِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ ‌بِقَبْضِ ‌الْعُلَمَاءِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يَتْرُكْ عَالِمًا، اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالًا، فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا».
عن أبي الدرداء قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من سلك طريقا يطلب فيه علما؛ سلك الله به طريقاً من طرق الجنة، والملائكة تضع أجنحتها رضا لطالب العلم، وإن العالم يستغفر له من في السموات، ومن في الأرض، والحيتان في الماء، وفضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب، إن العلماء ورثة الأنبياء، إن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهما، وأورثوا العلم، فمن أخذه؛ أخذ بحظ وافر”.
عباد الله والله إن حاجة المسلمين وغيرهم اليوم إلى علماء على منهج النبوة وسبيل المؤمنين أكثر من حاجتهم إلى الأطباء والمهندسين والجنود والمهنيين، فإن الله علق صلاح الدنيا والآخرة على قيام التوحيد والعمل الصالح وهذا لا يحصل إلا بعلم نافع يدعو إلى عمل مخلص صالح. قال تعالى “وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض مما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا.
أقول قولي هذا واستغفر الله لي، ولكم
الخطبة الثانية:
الحمد لله على إحسانه والشكر لله على توفيقه وامتنانه وأشهد أن لا إله إلا الله تعظيما لشأنه وأشهد أن محمد عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وإخوانه أما بعد:
عباد الله اتقوه حق التقوى وراقبوه في السر والنجوى واعلموا أنكم غداً بين يدي الله موقوفون وعلى زلاتكم نادمون وسيعلم الذين ظلموا أي منقلبٍ ينقلبون.
عباد اللالتزموا الإجراءات الوقائية المتبعة في ظل هذه الجائحة الخطيرة واحرصوا على تطبيقها أنتم ومن تحت ولايتكم من الأهل والأولاد والخدم والعمال. ولا تتهاونوا في ذلك فتكونوا مشاركين في نشر الوباء أو عدم مكافحته على الأقل فتبوؤوا بالاثم والعدوان وكان المفترض منكم أيها المؤمنون أن تتعاونوا على البر والتقوى وكل ما فيه صلاح الدين والدنيا.
ثم احرصوا على حضور أولادكم في المدارس بنين وبنات فإن هذا من طلب العلم الذين تصلح فيه الدنيا والآخرة ولا تتلكؤوا وكأنكم مراهقين لا يعلمون مصلحتهم ولا يقيمون ما تستقيم به حياتهم إلا بالجزاء والعقاب. فإن أولادنا أمانة في أعناقنا وسيسألنا الله عن رعياتهم لما فيه صالحهم فاتقوا الله وكما جاء في الحديث “وكلكم مسؤول عن رعيته”.
عباد الله صلوا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه فقال[إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ] اللهم صل وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وعنا معهم برحمتك وفضلك يا أرحم الراحمين.
اللهم من أراد بلادنا هذه وبلاد المسلمين عامة بسوء فاللهم أشغله في نفسه واجعل تدبيره في تدميره واجعل دائرة السوء عليه يا قوي يا عزيز.
اللهم وفق إمامنا خادم الحرمين الشريفين لما تحبه وترضاه واجعل عمله في رضاك وارزقه البطانة الصالحة الناصحة وأصلحنا جميعا رعاة ورعية،
اللهم انصر جنودنا المرابطين على الثغور وفي كل الميادين اللهم انصرهم على عدوك وعدوهم وحقق فيهم أسباب نصرك المبين يا ذا الفضل العظيم
اللهم تقبل من مات منهم في الشهداء وداو من تأذى منهم وردهم إلى أهلهم وذويهم سالمين غانمين ولا تحرمنا وإياهم الأجر يا أرحم الراحمين. وقوموا إلى صلاتكم
١٨ جمادى الآخرة ١٤٤٣هـ.
هاشم المطيري

لتحميل الخطبة ملف PDF اضغط هنا

لتحميل الخطبة ملف صوتي MP3 اضغط هنا

بواسطة هاشم المطيري

المشرف على موقع البيعة
ماجستير عقيدة ومذاهب معاصرة
داعية وخطيب جمعة ومهتم بالأمن الفكري وتوعية المجتمع.