التصنيفات
خطب الجمعة

فضل الصحابة وحقوقهم – هاشم المطيري #الجمعة

تجد في نهاية الخطبة روابط تحميلها ملفات PDF وملف صوتي MP3

YouTube

فضل الصحابة وحقوقهم
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا
أما بعد فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل محدثه بدعة وكل بدعة ضلالة
عباد الله قال تعالى “مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ ۚ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ۖ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا ۖ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ۚ ذَٰلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ ۚ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ۗ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا”
” وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ”. عباد الله إن من عقيدة أهل السنة والجماعة حُبَّ جميعَ أصحابِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسلامةَ القلوب والألسن جهتَهم، “وذِكرَهم بين الناس بالجميل، وإعزازَهم وإجلالَهم وتوقيرَهم، ونَشرَ محاسِنهم وفضائِلهم، والدِّفاعَ عنهم، وموالاتَهم، والاستغفارَ لهم، والتَّرضِّيَّ عنهم، والثناءَ عليهم وعدم الخوض والكلام فيما شجر بينهم واعتقاد أن الصحابة رضي الله عنهم أجمعين خير الناس جنسا وفردا وإن أعمالهم القليلة لا يدرك أجرها من عمل أكثر منهم لاقتران أعمالهم بفضل صحبة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم. صحَّ أنَّه صلى الله عليه وسلم قال: (( النُّجُومُ أَمَنَةٌ لِلسَّمَاءِ، فَإِذَا ذَهَبَتِ النُّجُومُ أَتَى السَّمَاءَ مَا تُوعَدُ، وَأَنَا أَمَنَةٌ لأَصْحَابِى فَإِذَا ذَهَبْتُ أَتَى أَصْحَابِى مَا يُوعَدُونَ، وَأَصْحَابِى أَمَنَةٌ لأُمَّتِى، فَإِذَا ذَهَبَ أَصْحَابِى أَتَى أُمَّتِى مَا يُوعَدُونَ ))،

وصحَّ عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (( خَيْرُ أُمَّتِي الْقَرْنُ الَّذِينَ بُعِثْتُ فِيهِمْ )). بل علق الله سبحانه وتعالى النجاة من جهنم على اتباع سبيل الصحابة فقال سبحانه
” وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَىٰ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ ۖ وَسَاءَتْ مَصِيرًا”
والمؤمنون يوم نزول هذه الآية هم الصحابة رضي الله عنهم أجمعين. وقال تعالى أيضا “فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنتُم بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوا ۖ وَّإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ ۖ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ ۚ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ” فمن لم يؤمن بالله بمثل ما آمن به الصحابة فهو في شقاق ومشاقق لما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم. وصح عنه صلى الله عليه وسلم قوله “وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة كلهم في النار إلا واحدة، قالوا: ومن هي يا رسول الله؟ قال: ما أنا عليه وأصحابي”
وهذا فضل عظيم من يدركه بعمل أو قربة أو صدقة أو جهاد. وهو بأن جعل الله صحابة رسوله معيارا للحق ومقياسا للفهم السليم والسبيل القويم.
عباد الله بعد أنْ أثنى الله سبحانه وتعالى على الصحابة مِن المهاجرين والأنصار، وذَكَر بعضَ جميل صفاتهم قال سبحانه { وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ }،
فكان حال من جاء من المؤمنين من بعد الصحابة رضي الله عنهم حب الصحابة والاستغفار لهم ومعرفة فضل سابقتهم
ومن لم يكن كذلك فإنه من الصنف الذين ذكرهم الله في تتمة الآيات حيث قال سبحانه “أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِن قُوتِلْتُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ”
عباد الله احذروا التنقص أو الإساءة بأي صورة مباشرة وغير مباشرة بجد أو هزل لأحد الصحابة فإن هذا الخطأ يخرج من السنة إلى البدعة ويصبح الرجل مبتدعا بمجرد هذه الزلة
صحَّ عن أمِّ المؤمنين عائشة ــ رضي الله عنها ــ أنَّها قالت في شأن الخوارج والروافض: (( أُمِرُوا بِالِاسْتِغْفَارِ لِأَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَبُّوهُمْ )).
قال إمام أهل السُّنَّة أحمد بن حنبل ــ رحمه الله ــ في رسالته “أصولِ السُّنَّة” وهي عقيدة أهل السنة والجماعة المجمع عليها بينهم : “مَن انتقص واحدًا مِن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو أبغضه لِحدَث كان مِنه، أو ذَكر مساويَه، كان مبتدِعًا، حتى يترَحَّم عليهم جميعًا، ويكونَ قلبُه لهم سليمًا”. وصحَّ عنه صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: (( لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا، مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدِهِمْ، وَلَا نَصِيفَهُ )).
نَقل الإمام ابن بَطَّة ــ في كتابه “الإبانة الصغرى”: اتفاقَ ساداتِ علماء هذه الأمِّة على ترْك النَّظر في الكتب التي تتكلم فيما شَجر بين الصحابة مِن خِلاف”.
عباد الله قد ترون من كثير من الإعلاميين والكتاب والمشاهير والممثلين والحزبيين من الدعاة وأهل التنظيمات تنقص لبعض أصحاب رسول الله بصور مختلفة بعضها من باب الفكاهة والسخرية وبعضها تصريحا والآخر تلميحا ويعلم أكثركم أن أغلب هؤلاء ما بين جاهل أحمق أو رافضي حاقد حنق أو حزبي يريد إسقاط صحابي له آثار تفسد على التنظيمات عملها فيفزعون للطعن في الصحابة رضي الله عنهم أجمعين أمثال معاوية وعمرو بن العاص وحتى عثمان بن عفان رضي الله عن الصحابة أجمعين. فاحذروا وحذروا منهم وإياكم والمسلسلات التاريخية فإنها تفسد الدين والأخلاق وهي مصدر ساقط للعلم والمعرفة يكتبها الجهال والمغرضين كما فعلت بعض الدول التي تدعم الثورات حيث مولت مسلسل يبعث على روح الثورة ويحرض الناس على حكامهم وولاتهم وقد قام بعض الثوريون بحبك تفاصيله والإشراف على العمل لضمان إيصال فكرتهم الخبيث وللأسف قد حققوا بعض ما طمحوا له لكن الله لا يصلح عمل المفسدين.
عباد الله من حقوق صحابة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم جعل فهمهم لنصوص الكتاب والسنة معيارا وضابطا للحق والصواب فإن إدعاء حب الصحابة وتبجيلهم والثناء عليهم لا يتفق مع إهمال فهمهم وترك آثارهم وعدم الاعتداد بها في دراسة الشريعة عموما عقيدة وفقها وسلوكا ومعاملة. فإن كثير ممن يدعي حب الصحابة واتباعهم والدفاع عنهم لا ينظر في أقوالهم وأفهامهم لنصوص الوحيين وهذا منهج مخالف مغاير لمنهج أهل السنة والجماعة فتجد أحد يعتمد فهمه ورأيه لنصوص الكتاب والسنة إما لهوى أو مصلحة شخصية أو حزبية أو على أحسن حال كما ذكر عمر بن الخطاب رضي الله عنه ” أصحاب الرأي أعداء السنن أعيتهم الأحاديث أن يحفظوها وتفلتت منهم أن يعوها واستحيوا حين سئلوا أن يقولوا لا نعلم فعارضوا السنن برأيهم فإياكم وإياهم”.
أقول قولي هذا واستغفر الله لي، ولكم

الخطبة الثانية:
الحمد لله على إحسانه والشكر لله على توفيقه وامتنانه وأشهد أن لا إله إلا الله تعظيما لشأنه وأشهد أن محمد عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وإخوانه أما بعد:
عباد الله اتقوه حق التقوى وراقبوه في السر والنجوى واعلموا أنكم غداً بين يدي الله موقوفون وعلى زلاتكم نادمون وسيعلم الذين ظلموا أي منقلبٍ ينقلبون.
عباد الله اقرؤوا في سيرة صحابة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم اجعلوا في مجالسكم نصيبا من قراءة في سيرهم. واحذروا القراءة في كتب أصحاب التنظيمات المتأسلمة والأحزاب البدعية فإنهم ينتقون ما يحقق أهدافهم ويهملون ما يعارض مصالحهم وارجعوا إلى الكتب الأصيلة القديمة المحققة للعلماء ولا يغرنكم التسويق والغلاف أو حسن المسمى والعنوان فقد هلكت بسبب ذلك أجيال واجيال والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون
عباد الله صلوا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه فقال[إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ] اللهم صل وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وعنا معهم برحمتك وفضلك يا أرحم الراحمين.
اللهم من أراد بلادنا هذه وبلاد المسلمين عامة بسوء فاللهم أشغله في نفسه واجعل تدبيره في تدميره واجعل دائرة السوء عليه يا قوي يا عزيز.
اللهم وفق إمامنا خادم الحرمين الشريفين لما تحبه وترضاه واجعل عمله في رضاك وارزقه البطانة الصالحة الناصحة وأصلحنا جميعا رعاة ورعية،
اللهم انصر جنودنا المرابطين على الثغور وفي كل الميادين اللهم انصرهم على عدوك وعدوهم وحقق فيهم أسباب نصرك المبين يا ذا الفضل العظيم
اللهم تقبل من مات منهم في الشهداء وداو من تأذى منهم وردهم إلى أهلهم وذويهم سالمين غانمين ولا تحرمنا وإياهم الأجر يا أرحم الراحمين، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار وقوموا إلى صلاتكم
٣ رجب ١٤٤٣هـ.
هاشم المطيري

لتحميل الخطبة ملف PDF اضغط هنا

لتحميل الخطبة ملف صوتي MP3 اضغط هنا

بواسطة هاشم المطيري

المشرف على موقع البيعة
ماجستير عقيدة ومذاهب معاصرة
داعية وخطيب جمعة ومهتم بالأمن الفكري وتوعية المجتمع.