تجد في نهاية الخطبة روابط تحميلها ملف PDF وملف صوتي MP3
خطورة الآبار والحفر المفتوحة
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا
{يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون}{يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجال كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا}{ يا أيها الناس اتقوا ربكم الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما}
أما بعد فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل محدثه بدعة وكل بدعة ضلالة
عباد الله أتت شريعة الله السمحاء بحفظ الضروريات الخمس وهي الدين والنفس والعرض والعقل والمال. قال غير واحد من أهل العلم بل أتت الشرائع السابقة كلها بحفظ هذه الضروريات.
ومن أهمها بعد حفظ الدين هو حفظ النفس من إزهاقها أو إلحاق الضرر بها. قال تعالى{والذين لا يدعون مع الله إله آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يحزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما} الآية.
ذكر فيها ثلاث ضروريات على التوالي والترتيب الأهم فالأهم. التوحيد الذي هو أصل الدين ثم النفس التي بها يعيش الإنسان ويحيا للعبادة والعمل ثم الزنى الذي تضيع به الأعراض وهي الضرورية الثالثة. وبخصوص حفظ النفس من القتل أو ما دونه من الضرر قال تعالى{ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة} وقال سبحانه { ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما } وقال أيضا { ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق}{ مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ۚ } وقال تعالى {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا}
وأخرج البخاري عن ابن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” لا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، يَشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأَنِّي رَسولُ اللَّهِ، إلَّا بإحْدَى ثَلاثٍ: النَّفْسُ بالنَّفْسِ، والثَّيِّبُ الزَّانِي، والمارِقُ مِنَ الدِّينِ التَّارِكُ لِلْجَماعَةِ” وأخرج البخاري أيضا عن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم” لَنْ يَزَالَ المُؤْمِنُ في فُسْحَةٍ مِن دِينِهِ، ما لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا”
عباد الله
إن الإنسان إذا تسبب بقتل نفس معصومة فعليه وزر ذلك بحسب ما تسبب به أخرج ابو داوود عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال ” خَرَجْنا في سَفَرٍ، فأصابَ رَجُلًا مِنَّا حَجَرٌ فشَجَّه في رَأْسِه، ثم احتَلَمَ، فسألَ أصحابَه، فقال: هل تَجِدونَ لي رُخصةً في التَّيمُّمِ؟ فقالوا: ما نَجِدُ لكَ رُخصةً وأنتَ تَقدِرُ على الماءِ. فاغتَسَلَ، فماتَ، فلَمَّا قَدِمْنا على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أُخبِرَ بذلك، فقال: قَتَلوه قَتَلَهمُ اللهُ، ألَا سألوا إذْ لم يَعلَموا… ” الحديث صححه الألباني.
فانظروا كيف قال صلى الله عليه وسلم لمن تسبب في مقتل مسلم باجتهاد غير مقصود فما بالكم بمن يتسبب بالقتل والضرر على المسلمين بتصرفات وأعمال يقصد بها الايذاء أو بسبب الإهمال الذي لا يعذر به صاحبه فمثلا فمن يحفر بئرا أو حفرة للعمل أو غيره ويعلم أنها تخفى على المارة ليلا أو نهارا فهو كمن يضع مصيدة أو فخا ليصطاد به فهذا للعمد أقرب منه لأي قصد فاحذروا عباد الله إيذاء المسلمين بأي صورة فمنهم من ابتلاه الله بمرض فيتعمد نقله للآخرين حقدا وحسدا أو جهلا وظلما فهذا لا يجوز شرعا وإن خفي على الناس فإنه لا يخفى على رب الناس قال تعالى{ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا } فاتقوا الله عباد الله في أنفسكم وفي عموم الخلق واعلموا أن الله يعلم سركم ونجواكم وأنه بكل شيء عليم. فمن ابتلي باي سبب قد يتأذى منه غيره فليعمل بأسباب السلامة والوقاية بأن يضع السياج على الآبار والحفر والتحذيرات على أماكن الخطر من كهرباء ومكائن ويتبع إجراءات السلامة في العمل وفي الطرقات ويكون عبدا لله رحيما كي يرحمه الله محسنا ليحسن الله إليه يحب لإخوته المسلمين ما يحب لنفسه
أقول قولي هذا واستغفر الله لي، ولكم
الخطبة الثانية:
الحمد لله على إحسانه والشكر لله على توفيقه وامتنانه وأشهد أن لا إله إلا الله تعظيما لشأنه وأشهد أن محمد عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وإخوانه أما بعد:
عباد الله اتقوه حق التقوى وراقبوه في السر والنجوى واعلموا أنكم غداً بين يدي الله موقوفون وعلى زلاتكم نادمون وسيعلم الذين ظلموا أي منقلبٍ ينقلبون.
عباد الله صلوا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه فقال[إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ] اللهم صل وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وعنا معهم برحمتك وفضلك يا أرحم الراحمين.
اللهم من أراد بلادنا هذه وبلاد المسلمين عامة بسوء فاللهم أشغله في نفسه واجعل تدبيره في تدميره واجعل دائرة السوء عليه يا قوي يا عزيز.
اللهم وفق إمامنا خادم الحرمين الشريفين لما تحبه وترضاه واجعل عمله في رضاك وارزقه البطانة الصالحة الناصحة وأصلحنا جميعا رعاة ورعية،
اللهم انصر جنودنا المرابطين على الثغور وفي كل الميادين اللهم انصرهم على عدوك وعدوهم وحقق فيهم أسباب نصرك المبين يا ذا الفضل العظيم
اللهم تقبل من مات منهم في الشهداء وداو من تأذى منهم وردهم إلى أهلهم وذويهم سالمين غانمين ولا تحرمنا وإياهم الأجر يا أرحم الراحمين، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار وقوموا إلى صلاتكم
١٧ رجب ١٤٤٣هـ.
هاشم المطيري