التصنيفات
خطب الجمعة

الإسراء والمعراج بين البدعة والتكذيب – هاشم المطيري #الجمعه

تجد في نهاية الخطبة رابط تحميل الخطبة ملف PDF وملف صوتي MP3

الإسراء والمعراج بين البدعة والتكذيب
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا
أما بعد فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل محدثه بدعة وكل بدعة ضلالة
عباد الله فإنَّ حادثةَ “الإسراءِ والمِعراجِ” ــ بأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أُسْرِيَ برُوحِهِ وجسدِّهِ مِن المسجدِ الحرامِ إلى المسجدِ الأقصَى ثُمَّ عُرِجَ به إلى السماءِ ــ حادثةٌ عظيمة، وآيةٌ كبيرة، ومُعجزةٌ باهِرة، جاءَ إثباتُها في القرآنِ العظيم، وتكاثرتْ فيها الأحاديثُ النَّبويةُ الصَّحيحة حتى زادتْ على خمسةٍ وعشرين حديثا، ونصَّ العلماءُ على تواتُرِ أحاديثِها، واتفقَ المسلمونَ على حصولِها، حيثُ قالَ اللهُ سبحانَه عنها: { سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}، وقال تعالى: { عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى}،

وأخرجَ البخاريُّ ومسلمٌ عن ابنِ صَعْصَعَةَ ــ رضي اللهُ عنه ــ:(( أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَهُمْ عَنْ لَيْلَةِ أُسْرِيَ بِهِ، قَالَ: «بَيْنَمَا أَنَا فِي الحِجْرِ مُضْطَجِعًا إِذْ أَتَانِي آتٍ، فَشَقَّ مَا بَيْنَ هَذِهِ إِلَى هَذِهِ، فَاسْتَخْرَجَ قَلْبِي، ثُمَّ أُتِيتُ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مَمْلُوءَةٍ إِيمَانًا، فَغُسِلَ قَلْبِي، ثُمَّ حُشِيَ ثُمَّ أُعِيدَ، ثُمَّ أُتِيتُ بِدَابَّةٍ دُونَ البَغْلِ، وَفَوْقَ الحِمَارِ أَبْيَضَ، يَضَعُ خَطْوَهُ عِنْدَ أَقْصَى طَرْفِهِ، فَحُمِلْتُ عَلَيْهِ، فَانْطَلَقَ بِي جِبْرِيلُ حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الدُّنْيَا فَاسْتَفْتَحَ، فَقِيلَ مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ فَنِعْمَ المَجِيءُ جَاءَ فَفَتَحَ، فَلَمَّا خَلَصْتُ فَإِذَا فِيهَا آدَمُ، فَقَالَ: هَذَا أَبُوكَ آدَمُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ السَّلاَمَ، ثُمَّ قَالَ: مَرْحَبًا بِالِابْنِ الصَّالِحِ، وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ، ثُمَّ صَعِدَ بِي حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الثَّانِيَةَ، فَاسْتَفْتَحَ قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ فَنِعْمَ المَجِيءُ جَاءَ فَفَتَحَ، فَلَمَّا خَلَصْتُ إِذَا يَحْيَى وَعِيسَى، وَهُمَا ابْنَا الخَالَةِ، قَالَ: هَذَا يَحْيَى وَعِيسَى فَسَلِّمْ عَلَيْهِمَا، فَسَلَّمْتُ فَرَدَّا، ثُمَّ قَالاَ: مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ، وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ، ثُمَّ صَعِدَ بِي إِلَى السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ، فَاسْتَفْتَحَ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ فَنِعْمَ المَجِيءُ جَاءَ فَفُتِحَ، فَلَمَّا خَلَصْتُ إِذَا يُوسُفُ، قَالَ: هَذَا يُوسُفُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ ثُمَّ قَالَ: مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ، ثُمَّ صَعِدَ بِي حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الرَّابِعَةَ فَاسْتَفْتَحَ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: أَوَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ، فَنِعْمَ المَجِيءُ جَاءَ فَفُتِحَ، فَلَمَّا خَلَصْتُ إِلَى إِدْرِيسَ، قَالَ: هَذَا إِدْرِيسُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ ثُمَّ قَالَ: مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ، ثُمَّ صَعِدَ بِي، حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الخَامِسَةَ فَاسْتَفْتَحَ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ، فَنِعْمَ المَجِيءُ جَاءَ، فَلَمَّا خَلَصْتُ فَإِذَا هَارُونُ، قَالَ: هَذَا هَارُونُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ ثُمَّ قَالَ: مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ، وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ، ثُمَّ صَعِدَ بِي حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ السَّادِسَةَ فَاسْتَفْتَحَ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: مَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: مَرْحَبًا بِهِ، فَنِعْمَ المَجِيءُ جَاءَ، فَلَمَّا خَلَصْتُ فَإِذَا مُوسَى، قَالَ: هَذَا مُوسَى فَسَلِّمْ عَلَيْهِ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ ثُمَّ قَالَ: مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ، وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ، فَلَمَّا تَجَاوَزْتُ بَكَى، قِيلَ لَهُ: مَا يُبْكِيكَ؟ قَالَ: أَبْكِي لِأَنَّ غُلاَمًا بُعِثَ بَعْدِي يَدْخُلُ الجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِهِ أَكْثَرُ مِمَّنْ يَدْخُلُهَا مِنْ أُمَّتِي، ثُمَّ صَعِدَ بِي إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: مَرْحَبًا بِهِ، فَنِعْمَ المَجِيءُ جَاءَ، فَلَمَّا خَلَصْتُ فَإِذَا إِبْرَاهِيمُ قَالَ: هَذَا أَبُوكَ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، قَالَ: فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ السَّلاَمَ، قَالَ: مَرْحَبًا بِالِابْنِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ، ثُمَّ رُفِعَتْ إِلَيَّ سِدْرَةُ المُنْتَهَى، فَإِذَا نَبْقُهَا مِثْلُ قِلاَلِ هَجَرَ، وَإِذَا وَرَقُهَا مِثْلُ آذَانِ الفِيَلَةِ قَالَ: هَذِهِ سِدْرَةُ المُنْتَهَى، وَإِذَا أَرْبَعَةُ أَنْهَارٍ: نَهْرَانِ بَاطِنَانِ وَنَهْرَانِ ظَاهِرَانِ، فَقُلْتُ: مَا هَذَانِ يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: أَمَّا البَاطِنَانِ فَنَهْرَانِ فِي الجَنَّةِ، وَأَمَّا الظَّاهِرَانِ فَالنِّيلُ وَالفُرَاتُ، ثُمَّ رُفِعَ لِي البَيْتُ المَعْمُورُ، ثُمَّ أُتِيتُ بِإِنَاءٍ مِنْ خَمْرٍ، وَإِنَاءٍ مِنْ لَبَنٍ، وَإِنَاءٍ مِنْ عَسَلٍ، فَأَخَذْتُ اللَّبَنَ فَقَالَ: هِيَ الفِطْرَةُ الَّتِي أَنْتَ عَلَيْهَا وَأُمَّتُكَ، ثُمَّ فُرِضَتْ عَلَيَّ الصَّلَوَاتُ خَمْسِينَ صَلاَةً كُلَّ يَوْمٍ، فَرَجَعْتُ فَمَرَرْتُ عَلَى مُوسَى، فَقَالَ: بِمَا أُمِرْتَ؟ قَالَ: أُمِرْتُ بِخَمْسِينَ صَلاَةً كُلَّ يَوْمٍ، قَالَ: إِنَّ أُمَّتَكَ لاَ تَسْتَطِيعُ خَمْسِينَ صَلاَةً كُلَّ يَوْمٍ، وَإِنِّي وَاللَّهِ قَدْ جَرَّبْتُ النَّاسَ قَبْلَكَ، وَعَالَجْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَشَدَّ المُعَالَجَةِ، فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ لِأُمَّتِكَ، فَرَجَعْتُ فَوَضَعَ عَنِّي عَشْرًا، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَقَالَ مِثْلَهُ، فَرَجَعْتُ فَوَضَعَ عَنِّي عَشْرًا، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَقَالَ مِثْلَهُ، فَرَجَعْتُ فَوَضَعَ عَنِّي عَشْرًا، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَقَالَ مِثْلَهُ، فَرَجَعْتُ فَأُمِرْتُ بِعَشْرِ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ، فَرَجَعْتُ فَقَالَ مِثْلَهُ، فَرَجَعْتُ فَأُمِرْتُ بِخَمْسِ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى، فَقَالَ: بِمَ أُمِرْتَ؟ قُلْتُ: أُمِرْتُ بِخَمْسِ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ، قَالَ: إِنَّ أُمَّتَكَ لاَ تَسْتَطِيعُ خَمْسَ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ، وَإِنِّي قَدْ جَرَّبْتُ النَّاسَ قَبْلَكَ وَعَالَجْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَشَدَّ المُعَالَجَةِ، فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ لِأُمَّتِكَ، قَالَ: سَأَلْتُ رَبِّي حَتَّى اسْتَحْيَيْتُ، وَلَكِنِّي أَرْضَى وَأُسَلِّمُ، قَالَ: فَلَمَّا جَاوَزْتُ نَادَى مُنَادٍ: أَمْضَيْتُ فَرِيضَتِي، وَخَفَّفْتُ عَنْ عِبَادِي))
عباد الله إنَّ الإسلامَ وأهلَهُ اليومَ لَفِي معركةٍ شديدةٍ مع طائفةِ مِن بَنِي جِلدَتِهم، تأثَّروا بالعلمانيةِ، وتلبَّسوا بالفِكرِ الليبرالي، وباتُوا دعاةً لتغريبِ شُعوبِهم، وإبعادِهم عن الإسلامِ وأُصولِهِ وتشريعاتِهِ السَّامية، ودفعِ ذُكورِها وإناثِهِا إلى هاويةِ الإلحادِ والزَّندقة، تَبَعًا لأسيادِهِم في الشَّرقِ والغربِ، وقد سلِمَتْ مِنهم سائرُ مِلَلِ الكُفرِ فلا يَجترِئونَ عليها، ولا على رُموزِها ودُعاتِها كما يفعلونَ مع الإسلام، فجعلوهُ نَهبًا لهُم، يُنكرونَ أصولَه، ويُشوِّشُون على ثوابتِه، ويَهدمونَ تشريعاتِه، وكانَ مِن آخِرِ ذلك إنكارُ بعضِهم حادثةَ “الإسراءِ والمِعرَاجِ”، التي جاءت في القرآن، والسُّنةِ النَّبوية، واتفقَ عليها العلماء، فاحْذَروا هؤلاءِ القوم، وابتعِدُوا عن سماعِهم والقِراءةِ لهم، واتقوا اللهَ لعلَّكُم تُفلحون.
عباد الله
نُدرِكُ ليلةَ السابعِ والعشرينَ مِن هذا الشَّهرِ رجب، وقد جَرَتْ عادةُ بعضِ المسلمينَ على الاحتفالِ فيها بِذِكْرى: “الإسراءِ والمِعراجِ”، وهذا الاحتفالُ يَكتَنِفُه أمران:
الأمرُ الأوَّل: أنَّه غيرُ جائزٍ، وبدعة في الدين لأنَّه لم يَردْ في نصوصِ القرآنِ والسُّنَّةِ النَّبوية، ولا فَعلَهُ رسولُ اللهُ صلى الله عليه وسلم، ولا أصحابُه، ولا أحدٌ مِن أئمةِ المسلمينَ في القُرونِ الأولى، ولا أئمةُ المذاهبِ الأربعةِ؛ والاحتفال بدعة والبدعة باتفاقِ العلماءِ أعظمُ مِن المعصية، بالسنة والاجماع
الأمر الثاني: أنَّ ليلةَ السابعِ والعشرينَ مِن شهرِ رجبٍ لا يَصِحَّ دليلٌ مِن حديثٍ نبويٍّ أو أثَرٍ عن صحابيٍّ على أنَّها هي الليلةُ التي حصلَت فيها حادثةُ “الإسراءُ والمِعراج”، وقد اختلَفَ العلماءُ والمؤرِّخونَ في يومِ حُدوثِها على عشَرةِ أقوالٍ أو أكثر، كما ذَكرَهُ عديدونَ مِن أهلِ المذاهبِ الأربعةِ، وغيرِهِم، واختلفوا أيضًا في سَنةِ وقوعها، وفي شهر حصولها، وذَكرَ الفقيهانِ الشافعيانِ ابنُ سَيَّدِ الناسِ الأندَلُسِي، والسَّخاويُّ المِصريُّ ــ رحمهما الله ــ: “أنَّ المشهورَ أنَّها كانت في ليلةِ سبعِ عشرةَ مِن شهرِ ربيعٍ الأوَّل”، بل إنَّ مِن أضعفِ الأقوالِ: قولُ مَن قالَ إنَّها حصلَتْ في ليلةِ سبعةٍ وعشرينَ مِن رجب”، إذ قالَ الفقيهُ أبو الخطَّابِ المالكيُّ ــ رحمه الله ــ: «ذَكرَ بعضُ القُصَّاصِ أنَّ الإسراءَ كان في رجب، وذلكَ عندَ أهلِ التعديلِ والتجريحِ عَينُ الكذِب »، وقالَ الفقيهُ ابنُ العطَّارِ الشافعيُّ ــ رحمه الله ــ: «وقد ذَكرَ بعضُهم أنَّ “المِعراجَ والإسراءَ” كان في رجب، ولم يَثبُت ذلك»، وقال الفقيهُ ابنُ الأميرِ الصنعانيُّ ــ رحمه الله ــ: «هي ليلةٌ مُعيَّنةٌ لم يَرِدْ بتعيينِها سُنَّةٌ صحيحة».
ألَا فاتقوا اللهَ ــ عبادَ اللهِ ــ ولا تكونوا مِن المُحتفلينَ بهذهِ الحادثة، ولا مِن الداعمينَ لاحتفالِها بمالٍ أو مكانٍ أو طعامٍ أو رسائلَ أو كتابات، ولا تُؤيِّدوا أهلَه، أو تُسهِّلوا لهُم أمرَه، فإنَّ البدعةَ حرامٌ وإثْم، والإعانةُ عليها حرامٌ وإثمٌ، وقد قالَ ربُّكم زاجرًا لكُم ومُرهِّبًا: { وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ }.
أقول قولي هذا واستغفر الله لي، ولكم
الخطبة الثانية:
الحمد لله على إحسانه والشكر لله على توفيقه وامتنانه وأشهد أن لا إله إلا الله تعظيما لشأنه وأشهد أن محمد عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وإخوانه أما بعد:
عباد الله اتقوه حق التقوى وراقبوه في السر والنجوى واعلموا أنكم غداً بين يدي الله موقوفون وعلى زلاتكم نادمون وسيعلم الذين ظلموا أي منقلبٍ ينقلبون.
عباد الله صلوا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه فقال[إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ] اللهم صل وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وعنا معهم برحمتك وفضلك يا أرحم الراحمين.
اللهم من أراد بلادنا هذه وبلاد المسلمين عامة بسوء فاللهم أشغله في نفسه واجعل تدبيره في تدميره واجعل دائرة السوء عليه يا قوي يا عزيز.
اللهم وفق إمامنا خادم الحرمين الشريفين لما تحبه وترضاه واجعل عمله في رضاك وارزقه البطانة الصالحة الناصحة وأصلحنا جميعا رعاة ورعية،
اللهم انصر جنودنا المرابطين على الثغور وفي كل الميادين اللهم انصرهم على عدوك وعدوهم وحقق فيهم أسباب نصرك المبين يا ذا الفضل العظيم
اللهم تقبل من مات منهم في الشهداء وداو من تأذى منهم وردهم إلى أهلهم وذويهم سالمين غانمين ولا تحرمنا وإياهم الأجر يا أرحم الراحمين، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار وقوموا إلى صلاتكم
٢٤ رجب ١٤٤٣هـ.
هاشم المطيري

لتحميل الخطبة ملف مصور PDF اضغط هنا

لتحميل الخطبة ملف صوتي MP3 اضغط هنا

بواسطة هاشم المطيري

المشرف على موقع البيعة
ماجستير عقيدة ومذاهب معاصرة
داعية وخطيب جمعة ومهتم بالأمن الفكري وتوعية المجتمع.