التصنيفات
خطب الجمعة

استحباب الصيام في شعبان – هاشم المطيري #الجمعة

تجد في نهاية الخطبة روابط تحميلها ملفات PDF وملف صوتي MP3

الخطبة الأولى:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا
أما بعد فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل محدثه بدعة وكل بدعة ضلالة
عباد الله: ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال في تعظيم عبادة الصوم : ((كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ، الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ، قَالَ اللهُ – عَزَّ وَجَلَّ -: إِلَّا الصَّوْمَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي ))، وثبت عن أبي أُمَامَةَ ــ رضي الله عنه ــ أنَّه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: ((مُرْنِي بِعَمَلٍ لِعَلِيِّ أَنْتَفِعُ بِهِ فَقَالَ: «عَلَيْكَ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَا مِثْلَ لَهُ», فَمَا رُئِيَ أَبُو أُمَامَةَ وَلَا امْرَأَتُهُ وَلَا خَادِمُهُ إِلَّا صِيَامًا، فَكَانَ إِذَا رُئِيَ فِي دَارِهِ الدُّخَانُ بِالنَّهَارِ قِيلَ: اعْتَرَاهُمْ ضَيْفٌ)).

وروي عن أسامةَ بنِ زيدٍ ــ رضي الله عنه ــ أنَّه قال: ((قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ رَأَيْتُكَ تَصُومُ فِي شَعْبَانَ صَوْمًا لَا تَصُومُ فِي شَيْءٍ مِنَ الشُّهُورِ، إِلَّا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ؟ فّقَالَ: ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ، وَشَهْرِ رَمَضَانَ، تُرْفَعُ فِيهِ أَعْمَالُ النَّاسِ، فَأُحِبُّ أَنْ لَا يُرْفَعَ لِي عَمَلٌ، إِلَّا وَأَنَا صَائِمٌ))، وثبت عن عائشة ــ رضي الله عنها ــ أنَّها سُئلَت عن صيام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: (( وَلَمْ أَرَهُ صَائِمًا مِنْ شَهْرٍ قَطُّ أَكْثَرَ مِنْ صِيَامِهِ مِنْ شَعْبَانَ، كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ، كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ إِلَّا قَلِيلًا))، فبادِروا إلى الاقتداء بنبيِّكم صلى الله عليه وسلم بالصيامِ في شهر شعبان، والإكثارِ مِنه، حتى إذا رُفعَت أعمالُكم إلى ربِّكم رُفعَت وأنتم صائمون، لعَلَّه سبحانه أنْ يُعْظِمَ أُجُورَ أعمالِكم الصالحة، وإنْ صَغُرَتْ أو قلَّت، ويتجاوزَ عن تقصيراتكم، ويُدخلَكُم في عفوِه ورحمتِه الواسعة، فتَسْعَدوا وتُفلحوا دومًا وأبدًا.
عباد الله:
لقد تكاسلَ وتشاغلَ أكثرُنا عن صيام التطوع، مع عِظَمِ ما ورَدَ في شأنه مِن أحاديثَ نبويَّةٍ اكثيرةِ مُبيِّنةٍ لأنواعِه، ومُرغِّبةٍ فيه، ومُعدِّدةٍ لِثمارِه، وما فيه مِن الحسناتِ الكثيرات، والأجورِ العاليات، والمكاسبِ الطيبةِ التي تنفعُ العبدَ في دُنياه وأُخْراه، ولأنَّ النُّفوسَ تَتُوقُ وتَتشوَّقُ لِما له فضائل، وتتزايدُ أُجُورُه، وتعلو بسببه منزلةُ أهله، فدونَكم ــ سلَّمَكم الله ــ جُملة مِن فضائل صيامِ التطوع، والتنفلِ بالصيام.
فَمِن هذهِ الفضائلِ: أنَّه مِن أسبابِ تكفيرِ الذُّنوب، لِمَا صحَّ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَجَارِهِ تُكَفِّرُهَا الصَّلاَةُ وَالصِّيَامُ وَالصَّدَقَةُ)).
ومِن هذهِ الفضائلِ: أنَّه مِن أسبابِ البُعدِ والعِفَّةِ عن الحرام، لِمَا صحَّ أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:((يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ)).
ومِن هذهِ الفضائلِ: أنَّه يُسَدُّ بِه يومَ القيامةِ النَّقصُ والخلَلُ الذي وقعَ مِن العبد في صيام الفريضة، إذ صحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: ((إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ العَبْدُ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ عَمَلِهِ صَلَاتُهُ، فَإِنْ صَلُحَتْ فَقَدْ أَفْلَحَ وَأَنْجَحَ، وَإِنْ فَسَدَتْ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ، فَإِنْ انْتَقَصَ مِنْ فَرِيضَتِهِ شَيْءٌ، قَالَ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ: انْظُرُوا هَلْ لِعَبْدِي مِنْ تَطَوُّعٍ فَيُكَمَّلَ بِهَا مَا انْتَقَصَ مِنَ الفَرِيضَةِ، ثُمَّ يَكُونُ سَائِرُ عَمَلِهِ عَلَى نحو ذَلِكَ)).
ومِن هذهِ الفضائلِ: أنَّه مِن أسبابِ نَيلِ العبدِ محبَّةَ ربِّه سبحانَه له، ودَفْعِهِ ودِفَاعِه عنه، وتوفِيقهِ وتسديده، وإجابةِ دعوتِه، إذ صحَّ أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إِنَّ اللَّهَ قَالَ: وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ)).
أقول قولي هذا واستغفر الله لي، ولكم
الخطبة الثانية:
الحمد لله على إحسانه والشكر لله على توفيقه وامتنانه وأشهد أن لا إله إلا الله تعظيما لشأنه وأشهد أن محمد عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وإخوانه أما بعد:
عباد الله اتقوه حق التقوى وراقبوه في السر والنجوى واعلموا أنكم غداً بين يدي الله موقوفون وعلى زلاتكم نادمون وسيعلم الذين ظلموا أي منقلبٍ ينقلبون.
عباد الله صلوا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه فقال[إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ] اللهم صل وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وعنا معهم برحمتك وفضلك يا أرحم الراحمين.
اللهم من أراد بلادنا هذه وبلاد المسلمين عامة بسوء فاللهم أشغله في نفسه واجعل تدبيره في تدميره واجعل دائرة السوء عليه يا قوي يا عزيز.
اللهم وفق إمامنا خادم الحرمين الشريفين لما تحبه وترضاه واجعل عمله في رضاك وارزقه البطانة الصالحة الناصحة وأصلحنا جميعا رعاة ورعية،
اللهم انصر جنودنا المرابطين على الثغور وفي كل الميادين اللهم انصرهم على عدوك وعدوهم وحقق فيهم أسباب نصرك المبين يا ذا الفضل العظيم
اللهم تقبل من مات منهم في الشهداء وداو من تأذى منهم وردهم إلى أهلهم وذويهم سالمين غانمين ولا تحرمنا وإياهم الأجر يا أرحم الراحمين، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار وقوموا إلى صلاتكم
١ شعبان ١٤٤٣هـ.
هاشم المطيري

لتحميل الخطبة ملف PDF اضغط هنا

لتحميل الخطبة ملف صوتي MP3 اضغط هنا

بواسطة هاشم المطيري

المشرف على موقع البيعة
ماجستير عقيدة ومذاهب معاصرة
داعية وخطيب جمعة ومهتم بالأمن الفكري وتوعية المجتمع.