التصنيفات
خطب الجمعة

الإستعداد لرمضان بالتوبة والقرآن – هاشم المطيري #الجمعة

تجد في نهاية الخطبة رابط تحميل الخطبة ملف PDF وملف صوتي MP3

الخطبة الأولى:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا
أما بعد فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل محدثه بدعة وكل بدعة ضلالة


عباد الله
قال تعالى{ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ (65) فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنبَاءُ يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لَا يَتَسَاءَلُونَ (66) فَأَمَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَىٰ أَن يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ (67) وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ} القصص.
عباد الله
إن الله يصطفي ويختار من خلقه ما يشاء، فإذا اصطفى شيئا واختاره على غيره من جنسه فهذا موجب لمضاعفة الحسنات وزيادتها وتعظيم السيئات ونكارتها فلما اختار سبحانه وتعالى الأنبياء من بين البشر أعظم لهم الحسنات والثواب كما حذرهم إذا خالفوا أمره بتعظيم السيئات قال تعالى{ وَلَوْلَا أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا (74) إِذًا لَّأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا} الإسراء، كذلك قال سبحانه في حق من اصطفى من نساء المؤمنين لنبيه صلى الله عليه وسلم فقال سبحانه{يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ ۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (30) ۞ وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُّؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا (31) يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاءِ } الأحزاب.
كذلك لما اصطفى الله سبحانه وتعالى الحرم من مكة المكرمة جعل الصلاة فيه بمائة ألف صلاة فيما سواه من المساجد،

أخرج البيهقي في السنن الصغرى عن أبي الدرداء وجابر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «فضل الصلاة في المسجد الحرام على غيره مائة ألف صلاة، وفي مسجدي هذا ألف صلاة وفي مسجد بيت المقدس خمسمائة صلاة» صححه الألباني، كما أن السيئة تعظم في الأماكن المقدسة التي اصطفاها الله قال تعالى{ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ ۚ وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُّذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ } الحج أترون لو أن رجلا زنى بمسجد أو شرب خمرا لاستعظمته النفوس واشمأزت منه بأن جمع قبح المعصية في قدسية المكان وحرمته، كذلك يا عباد الله فإن الله اصطفى من الأيام والشهور أوقاتا فاضلة واختار بحكمته ورحمته الأشهر الحرم فكانت العرب في الجاهلية تعظمها فلا يتقاتلون ولو رأى العدو خصمه كذلك اختار سبحانه وتعالى شهر رمضان لفريضة الصيام وأنزل فيه أعظم الكلام والبيان وهو الوحي العظيم كلام الله القرآن الكريم وفيه ليلة خير من ألف شهر فيها يفرق كل أمر حكيم، في هذا الشهر الذي اصطفاه الله واختاره لعباده المؤمنين تسلسل الشياطين وتتهيأ كل أسباب العبادة للمتقين فتضاعف الحسنات وتتيسر القربات ويهدي الله برحمته عباده لأحسن الطاعات من صلاة وصيام وصدقة وقيام وتلاوة وصلة بين الأنام؛ فمن لم يغتنم كل هذا فوالله وتالله وبالله إنه محروم ومعاقب ومذموم وآبق فاستحضروا هذا واستعدوا لهذا الحدث العظيم بقلوب وجلة مشتاقة للطاعة وأنفس مقلعة عن اللهو والخناعة أقبلوا على ربكم بأرواح لعفو الله وفضله طماعة.


عباد الله
توبوا إلى الله فإن أعماركم تنقضي كل موسم بل كل يوم بل كل نفس، نعم كل نفس يمضي فإنه لا يرجع وهو يملأ صدرك حياة ويدنيك من أجلك شيئا فشيئا، كل لحظة تنقضي من وقتك فإنه عبارة عن بعضك يذهب معها حتى تنقضي ويحل أجلك المكتوب؛ فماذا أعددت لتلك اللحظة وما قدمت لنفسك قال تعالى{ فَأَمَّا مَن طَغَىٰ (37) وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (38) فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَىٰ (39) وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَىٰ (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَىٰ} النازعات. انتبه يا عبد الله فإن الأعذار التي تتعذر بها لمن حولك من البشر والمحبين قد لا تنفعك مع رب العالمين وأنت أبخص بنفسك وتقصيرها وأعلم بذنوبك كبيرها وصغيرها والله سبحانه وتعالى يقول{ بَلِ الْإِنسَانُ عَلَىٰ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (14) وَلَوْ أَلْقَىٰ مَعَاذِيرَهُ } القيامة
فتدارك نفسك في هذا الموسم المبارك فقد لا تدركه من قابل وكم من أحباب دفناهم ونعي إلينا أجلهم، رحم الله أمواتنا وأموات المسلمين، أسأل الله أن يرزقني وإياكم العزيمة على الرشد والغنيمة من كل بر والفوز بالجنة والنجاة من النار
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.




الخطبة الثانية:
الحمد لله على إحسانه والشكر لله على توفيقه وامتنانه وأشهد أن لا إله إلا الله تعظيما لشأنه وأشهد أن محمد عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وإخوانه أما بعد:
عباد الله اتقوه حق التقوى وراقبوه في السر والنجوى واعلموا أنكم غداً بين يدي الله موقوفون وعلى زلاتكم نادمون وسيعلم الذين ظلموا أي منقلبٍ ينقلبون.
عباد الله كان السلف الصالح يستقبلون رمضان بالصيام التطوعي وكثرة تلاوة القرآن في شهر شعبان فلا تشغلكم الأسواق ولا تضيعون الأمر بسفاسف الأمور عن فضائلها وأنتم عقلاء قال تعالى{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ } المنافقون وقال سبحانه{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ } التغابن.
عباد الله صلوا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه فقال[إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ] اللهم صل وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وعنا معهم برحمتك وفضلك يا أرحم الراحمين.
اللهم من أراد بلادنا هذه وبلاد المسلمين عامة بسوء فاللهم أشغله في نفسه واجعل تدبيره في تدميره واجعل دائرة السوء عليه يا قوي يا عزيز.
اللهم وفق إمامنا خادم الحرمين الشريفين لما تحبه وترضاه واجعل عمله في رضاك وارزقه البطانة الصالحة الناصحة وأصلحنا جميعا رعاة ورعية،
اللهم انصر جنودنا المرابطين على الثغور وفي كل الميادين اللهم انصرهم على عدوك وعدوهم وحقق فيهم أسباب نصرك المبين يا ذا الفضل العظيم
اللهم تقبل من مات منهم في الشهداء وداو من تأذى منهم وردهم إلى أهلهم وذويهم سالمين غانمين ولا تحرمنا وإياهم الأجر يا أرحم الراحمين،
اللهم بلغنا رمضان لا فاقدين ولا مفقودين وارزقنا فيه حسن الصيام والقيام وتلاوة القرآن وكل ما يرضيك عنا يا رحيم يا رحمن.
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار وقوموا إلى صلاتكم
٢٢ شعبان ١٤٤٣هـ.
هاشم المطيري

لتحميل الخطبة ملف PDF اضغط هنا

لتحميل الخطبة ملف صوتي MP3 اضغط هنا

بواسطة هاشم المطيري

المشرف على موقع البيعة
ماجستير عقيدة ومذاهب معاصرة
داعية وخطيب جمعة ومهتم بالأمن الفكري وتوعية المجتمع.